نبوءة العقل

نبوءة العقل

أكذوبة الدين

 أنا فردمن أمة نشأ وترعرع على عقيدة الآباء والأجداد وعاش تجربتها منهج حياة وعقد التزام مقدس لاستحقاق ثابت .. 

 وكذلك المسيحي واليهودي والبوذي وملايين الملتزمين لكل دين يستقون عقيدتهم من موروث الآباء والأجداد دون تفكير أو تمحيص في قراءة صحة المعتقد من فساده !..

وكما تشكل كل مجتمع بعقيدته لم يُعمل ابنائه عقولهم في قراءة التاريخ ونتاجه قياساً بتعدد الأديان المخالفة لمعتقداتهم واستيضاح وجوه الحق من الباطل ف من تناقض الألوهة وتعدد مصارفها قرينة متجانسة في التسليم بعقيدة احتمالية لاشاهد لها سوى تمثيل التبعية العمياء لعصبية الموروث بأخطائه وتبعاته قاعدة مقدسة بثبوت اليقين  النفسي في علاقتهم بالرب دون التحقق من صحة مسلمات الدين في معرفته ..

 لذلك حين نختلف مع من يعبد العجل والوثن وكل ملتزم لعقيدته في التعاطي مع أصوله الدينية بوعي قدسيتها ونرى في التزامه بها جهل وتخلف فنحن أيضاً لا نرى من الوجه الآخر تماثلنا معه من  أفق قراءاتنا لما بين السطور واستدراك معطيات فكرنا المتجانس بشواهد انعكاساته على واقعنا كقضية مشتركة  مشروعيتها منهج الحياة.. 

وفيما نختلف في تشخيصنا للألوهة إلا أننا كثيراً ما نلتقي في التسليم بالأساطير والمعجزات والخوارق والأوهام وعالم الغيب والملائكة والشياطين شواهد غيبية لا سند لها سوى التوثيق المدون على لسان المبلغين بها وشهودهم من تابعيتهم كما يروي لنا التاريخ..

وبرغم ما تجيزه مسلمات كل دين بصحة معتقداته قاعدة معرفية سندها الكمال في مرجعية المبلغ للرب إلا أننا نجدها في الاتجاه الآخر ظلت تتعاطى مع تبرير النقص والقصور والجهل والتناقض والشر عرفاً تقليدياً للتفاضل بالاجتهاد في التفسير والتأويل والتفصيل والتوظيف للمناهج الخلافية  والتي صاغت تبعاتها مشاهد التفكك والانقسام في كل دين متاهة فكرية متعارضة بيادقها دعاة الاصلاح والتجديد المحمولة على استيعاب رؤيتها للخلل مسلكاً لتقويم الانحراف الديني ومواجهة الاستحواذ على السلطة في تعارض المصالح والتي شكلت بدورها تمزيق التبعية في الدين الواحد إلى هويات متصارعة حول امتلاك الحق والوصاية على استحقاقه..

وهكذا يصبح الإيمان بالله هو عين الإيمان بمصداقية المبلغين والاجتهاد في تأصيل الفكر والعقيدة  بما تقرره قواعد التوظيف لكل فئة لاهوت هوية قل أن يراه التابع بعين الله تمزيقاً لوحدة وجوده وبعين الدين خروجاً على قاعدته أو بعين الفهم توثيقاً لقداسة المجتهد وإنما يراه بعين العصبية وجه اليقين في تبعيته ..

من هنا شكلت العصبية العقائدية بجذورها الخلافية رأس الإشكال الزمني لتقوقع الوعي في نطاق المقدس وقيوده تلازماً مع توظيف أدوات الصراع والقوة بدائل للتحقق بمشروعية الفكر واستحقاقه فيما أرست حصيلته توطين التعارض قاعدة متشابكة حول تقرير منهج الحياة ..

وبرغم أن القيمة الجوهرية لنشأة الدين باختلاف اتجاهاته ارتكزت في الأساس على تمثيل مشروعيته للموجه الروحي لانتظام قاعدة التعايش كمرجعية لتوحيد الشعوب  إلا أن طبيعة ارتباطه بسلطة الحكم عكس حضوره على تعزيز تضارب المصالح للتفكك والصراع وبروز المخاوف من أي تأثير خارجي والذي ألقى بتبعاته على توظيف المعتقدات لتطويع العامة لطاعة الدين عقد ربوبية مقدسة ظاهرها تمثيل المنهج الافتراضي للتعايش الأخلاقي وبيدقها تكريس عبودية الجمهور والسيطرة على قياده واستغلال جهوده ومقدراته لخدمة مصالح القلة المستحكمة بولاية الأمر..

وعلى ذلك وقف تطبيع الالتزام بمنهجية كل دين قاعدة متجانسة للتطويع المفرغ  بتقييد الفكر بالهوية لاهوت شريعة وعقيدة وإحاطته بالقيود والحدود في سياق استلاب الوعي والإرادة طوق مشروعية مسترسلة بين الأجيال ..

وعلى نفس السياق وقف تعاطي الجمهور المنقسم مع مسلمات كل عقيدة مصكوكاً بالإسناد الإلهي لتوثيق الأصول الدينية للحقيقة المطلقة وتجميد العقل في محيطها دون النظر إلى تناقضات الخير والشر في ملابسات الفكر المتشابك وقصوره وجهله وشره كقضية تتنافى مع تجسيد روح الوفاق والاجماع البشري على صحته وانعكاساته السالبة على تفكيك لحمة وروابط العلاقات الإنسانية وتبعاتها في توطين التخلف والجمود والصراع في طبيعة الواقع..

والقضية بملابساتها الفكرية أن مسلمات كل دين أو معتقد بطبيعته المتناقضة مع الآخر لم تقتصر وحسب على فرضية التأطير الخلافي للهوية والتوظيف اللاهوتي المتعدد كمرجعية روحية غير متوازنة بقدر ما تجسد الإشكال في محاولة كل منها تعطيل الحق الإلهي وشيطنته في الدين فيما استحكم بتوجيهه عامل التفرد باستحقاق الوصاية والاستحواذ على مقدرات الوجود والحياة والتي أرست تشابكاتها توثيق مقاصد الخير والشر في منهجية كل دين للضدية والصراع قاعدة كونية عكست طبيعتها على سلوك الواقع ..

وبمقتضى ذلك لو جاز لنا اعتبار الدين قاعدة كونية مشروعيته توثيق صلة الإنسان  بالإله الخالق في ميزان استحقاقه للحياة وما بعد الحياة فحكم ذلك إن ثبت فيه صلاح عقيدة ما قاعدة منهجية للحياة كان يستوجب أن تلتقي جميع الديانات على صحتها وتلك يستحيل أن تستقيم دون استيعابها للمقصد الإلهي ضابطاً كونياً لوحدة  وجوده في مخلوقاته دليلاً روحياً لانتظام الشراكة الوفاقية على التعايش  الأخلاقي والبناء المتوازن لمشروع الحياة ..

وفي غياب أو تغييب هذا الدليل ما يفضي حكماً بسقوط مشروعية الغاية من تمثيل وجود الدين لمشروع الحياة وتماهي دوره في الاتجاه النقيض للمقصد الإلهي قياساً بتقمصه للشيطان وصفاته في التجرد بظلامية الجهل والتفاضل المنحرف بتجسيد لاهوت الشر وتجذر مصارفه في تمزيق قاعدة الحياة ..

وتلك بمقتضى الأدلة والشواهد هي لاشك ما يؤسسس الضرورة الحتمية للكشف عن أكذوبة الدين  باعتبار  وجوده بات يشكل محور الشر في الحياة تلازماً مع معضلة الإنسانية عبر تحولات المراحل الزمنية والتي عاشت ولاتزال تعيش وهم الاعتقاد الغيبي معرفة لاهوتية ضميرها الجهل المقدس بتفكيك علاقات وروابط الوجود بمشروعية شيطنة الرب في البدائل لتتجرع ضرار فتنتها مآسٍ وويلات وانقسامات وصراعات علّمَت وجدان الحياة بالسقوط والتخلف والانحطاط والارتهان لشريعة الغاب وأرست مفارقات الوعي البشري على عقلنة النفس للإيمان والتسليم قاعدة متشابكة حول التفرد بالحق بدوافعه الغائية عقد التزام (دغمائي) ساست فصوله بيادق الأطماع السلطوية وتداعياتها العائمة في منازعات القداسة ومشاريعها التفاضلية المصمتة بنزعات الاستحواذ والاحتواء والتي عمد جنوحها توظيف الاستحقاق  بالإدانة الجبرية لطاعة الدين دون تحكيم العقل في قراءة ملابسات أوجه التعدد والخلاف وانعكاساته على طبيعة الواقع..

وجُل ما نستدرك في هذا الصدد أن طغيان الشر واستفحال جذور امتداده في عمق الواقع ما كان له أن يتربع عرش الحياة ويحكم وجودنا بظلاميته لولا أزمة المعرفة في التركيبة العقائدية التي أرست تعدد واختلاف المناهج على قدسية الإسناد الإلهي الموجه بتطويق الجهل لعقلنة التناقض قاعدة كونية ومشيئة إلهية جاز بها تعميد ولاية كل دين عقد ربوبية متفردة  شيطانها الفكر المنحرف بتوظيف لاهوت المعتقد مرجعية استحقاق عائم في عالم الغيب واقترانه بتعميد الرضا الإلهي على التابع لكل دين ..

ولأن ظهور العقائد بجذورها المعرفية لم يبنى على معرفة الإله الخالق كقاعدة مشتركة  للحق البشري العام  في الاستحقاق الواحد فقد تشكلت معالمها من روافد التعاطي مع تناقضات الواقع المنظور من انعكاس ازمة المعرفة على استيعاب مفارقات الطبيعة الكونية وتطويقها لظروف حياته وهو الأمر الذي ألقى بتبعاته على اختلال الوعي واختزاله للتناقض في وجود آلهات متصارعة على حكم الكون  ترجم معانيها من اقتران الخير بتحقق الوجود بالخلق والبناء والقدرة الخفية على تدبير شئونه في مقابل الشر المتجسد بالضدية المرتبطة بالتأثير على حياته فيما تطور في الديانات التوحيدية إلى تشخيصها بالنقيض الشيطاني الخارج عن طاعة الرب في تصدير الانحراف والهدم تجريداً مضمراً بغواية الإنسان ..

 وكان لارتباط الإنسان بمقاصد وظروف الحياة وتعقيداتها المتشابكة في ظل الغموض المقروء بمفارقات التشكل الطبيعي للعناصر والظواهر الكونية المختلفة حكم ارتهان الفكر العقائدي للتناقض في تقييد معاني  الألوهة بالسمات المزدوجة قياساً بتضليل تراكمات الواقع المزدوج لطبيعة الخير والشر في إشكالية الحياة ..

وفي حين حفلت أدوات الدين وقيوده بتجميد(العقل) كركيزة قاعدية للاستلاب فقد حفلت مشاريعه عبر مراحل الصراع التاريخي بتعميم الجهل والتخلف مبرراً للتمكين من السيطرة على الشعوب وتوظيف مقدراتها لخلق وصناعة الأزمات واحتواء الظروف في تسخير الامكانات للمواجهة مع الخارجين عن طاعتهم أو خصومهم بالتلازم مع تطبيع الخصوصية العقائدية لفرضية الانتصار للإله العاجز في كل دين شواهد عماء مسترسل لعدمية الرؤية المؤصلة بتوظيف الربوبية قاعدة شيطانية ظللت مسيرة الحياة بروافدها الزمنية توارث الكراهية والأحقاد والاحتقان وتناسخ  العصبية والوهم بين الأجيال قاعدة استحقاق ثابت..

و على الرغم من أن اقتران الدين بالألوهة ارتبط منذ بداية التاريخ بمبدأ الخلق والقوة الكونية المتحكمة بطبيعة الحياة وحاجة الإنسان للوفاق معها إلا أن وعي الاعتقاد لم يجد مبرراً لتفسير الغموض في معادلة الخلق والتكوين سوى المقاربة السطحية للمحسوس المادي بعناصر تكوينه وإعمال الخيال الأدبي في صياغة الأساطير والمعجزات حولها ومن ثم اشتراع الوسائط المتدرجة من ظواهر الطبيعة الكونية وصولاً لتجسيد الشخوص للوصاية الإلهية وتقييد استحقاقها بالثبات المتلازم مع تجذر الفكر العقائدي وتعدد مصارف اللاهوت الديني على خط التحول والاصلاح ..

وتلك في الاتجاه العام تعارفت تقليداً على توثيق مشروعيتها بنبوءات النفس وأسانيدها التفاضلية برسم التأصيل المعرفي للغيب المحمول على  توثيق القداسة الفكرية للنصوص وتقييدها بالإيمان بمصداقية المبلغين والتي أرسى تعارضها تفكيك وحدة الله في متغيرات الدين وانقساماته المتجذرة في مشاريع الاصلاح  والتجديدوهلم دواليك..

ولأن ظهور العقائد بجذورها المعرفية لم يبنى على معرفة الإله الخالق كقاعدة مشتركة  للحق البشري العام  في الاستحقاق الواحد فقد تشكلت معالمها من روافد التعاطي مع تناقضات الواقع المنظور من انعكاس ازمة المعرفة على استيعاب مفارقات الطبيعة الكونية وتطويقها لظروف حياته وهو الأمر الذي ألقى بتبعاته على اختلال الوعي واختزاله للتناقض في وجود آلهات متصارعة على حكم الكون ترجم معانيها من اقتران الخير بتحقق الوجود بالخلق والبناء والقدرة الخفية على تدبير شئونه في مقابل الشر المتجسد بالضدية المرتبطة بالتأثير على حياته فيما تطور في الديانات التوحيدية إلى تشخيصها بالنقيض الشيطاني الخارج عن طاعة الرب في تصدير الانحراف والهدم تجريداً مضمراً بغواية الإنسان ..

 وكان لارتباط الإنسان بمقاصد وظروف الحياة وتعقيداتها المتشابكة في ظل الغموض  المقروء بمفارقات التشكل الطبيعي للعناصر والظواهر الكونية المختلفة حكم ارتهان الفكر العقائدي للتناقض في تقييد معاني ودلالات الألوهة بالسمات المزدوجة قياساً بتضليل تراكمات الواقع المزدوج لطبيعة الخير والشر في إشكالية الحياة ..

وفي حين حفلت أدوات الدين وقيوده بتجميد(العقل) كركيزة قاعدية لاستلاب الوعي  فقد حفلت مشاريعه عبر مراحل الصراع التاريخي بتعزيز وسائل وأدوات الجهل والتخلف مبرراً للتمكين من السيطرة على الشعوب وتوظيف مقدراتها لخلق وصناعة الأزمات واحتواء الظروف في تسخير الامكانات للمواجهة مع الخارجين عن طاعتهم أو خصومهم بالتلازم مع تطبيع الخصوصية العقائدية لفرضية الانتصار  للإله العاجز في كل دين شواهد عماء مسترسل لعدمية الرؤية المؤصلة بتوظيف الربوبية قاعدة شيطانية ظللت مسيرة الحياة بروافدها الزمنية توارث الكراهية والأحقاد والاحتقان في تناسخ العصبية بتبعاتها بين الأجيال وتأصيلها ثقافة ممتدة وقاعدة استحقاق ثابت..

و على الرغم من أن اقتران الدين بالألوهة ارتبط منذ بداية التاريخ بمبدأ الخلق والقوة الكونية المتحكمة بطبيعة الحياة وحاجة الإنسان للوفاق معها إلا أن وعي الاعتقاد لم يجد مبرراً لتفسير الغموض في معادلة الخلق والتكوين سوى المقاربة السطحية للمحسوس المادي بعناصر تكوينه وإعمال الخيال الأدبي في صياغة الأساطير والمعجزات حولها ومن ثم اشتراع الوسائط المتدرجة من ظواهر الطبيعة الكونية وصولاً لتجسيد الشخوص للوصاية الإلهية وتقييد استحقاقها بالثبات المتلازم مع تجذر الفكر العقائدي وتعدد مصارف اللاهوت الديني على خط التحول والاصلاح ..

وتلك في الاتجاه العام تعارفت تقليداً على توثيق مشروعيتها بنبوءات النفس وأسانيدها التفاضلية برسم التأصيل المعرفي للغيب المحمول على  توثيق القداسة الفكرية للنصوص وتقييدها بالإيمان بمصداقية المبلغين والتي أرسى تعارضها تفكيك وحدة الله في متغيرات الدين وانقساماته المتجذرة في مشاريع الاصلاح  والتجديد وهلم دواليك..

وباعتبار الشاهد في تعدد واختلاف مصارف الدين هي قضية الحقيقة الغائبة  بشتاتها المعرفي في تشابك الفكر  وإسقاطاته فقد حاولت جاهداً خوض هذا المعترك من منفذ العقل الديني بخلافاته وانقساماته بدأً من محاولة تفكيك محاذير الخلاف والالتباس في أصوله وفروعه وانتهاء بتضمين مسائل الخير والشر في تجاوزات انحرافه..

وكان منطلقي في القراءة والمعالجة أني وجدت معضلة الإنسان في استيعاب المعرفة بالحقيقة  تتجاوز كل مسلمات الحق الإلهي في معنى كمال وجوده وتنزيهه من الجهل والشر والنقص والقصور والتناقض والتضاد إلى التجرد بروح العصبية في كل دين وملة والإيمان بقدسية الشخوص والنصوص طوق خلاص أبدي له حكم اليقين  في تمثيل الوصاية الأبدية على مشروع الحياة ..

وتلك وإن تمثلها الإنسان بعفوية التسليم والإيمان بالإله المفترض في قراءة كل دين ، إلا أن مفصلها الرئيس في تشخيص أحكام ومعاني الألوهة هي عقد استحقاقه للأمان والاستقرار في الحياة كمطلب أساس لانتظام علاقاته مع الوجود المنافي لتقييد الصلة بالإله في التبعية للدين والملة والتجرد بروح العصبية للهوية والقدوة التشخيصية بنزعاتها المتوارثة بين الأجيال قاعدة شيطانية للانحراف والصراع المتآكل في تطويق سبل التعايش في الحياة..

ولذلك كان منطلقي في  الكشف عن الأكذوبة موثقاً بتفكيك ملابسات الإسناد الإلهي في تمثيل مشروعيته كشاهد معرفي يسترقي حججه من ثوابت الحق في وحدانية وأحدية الخالق مقارنة بالافتراق الديني أدواته وأسبابه ومحاذيره  ..

 الدليل والمنفذ

ما بين معضلة الحقيقة وجدلياتها المتشابكة بين إشكالية التوظيف ودغماءيه الاحتواء كثيراً ما يطفوا الغموض والتناقض على سطح المتاهة مجسداً بتطويق أزمة المعرفة للهامش المفترض في نطاق الخلاف والاختلاف كمعضلة للحيلولة دون الوصول  إلى وفاق  يجمع الشتات على الطريق الواحد ..

وفي سياق البحث عن  سبل المعالجة قل أن نستدرك المنفذ في المقارنة والقياس بين العديد من مفارقات التركيبة المتناقضة في تشكيل طبيعة الواقع والتي غالباً ما يقف على رأسها اختلال الوعي في طبيعة التشكل العقائدي المتباين كانعكاس لازدواجية التوظيف الخلافي لقضايا المعرفة والذي أرست جذوره الزمنية مفترق الطريق  أمام الوفاق البشري عبر التاريخ..

وتلك في تبيان متلازمات القياس بين ثوابت الحقيقة ومتغيرات العقيدة ما يؤسس في تعطيل الدين للقاعدة الإلهية وشخصنتها في تنزيه الوسائط من القصور والجهل والشر ثبوت الأكذوبة في توثيق التناقض لاقترانها بمنهجيته واتجاهاته المتعارضة شواهد منحرفه عن الدليل الكوني المحمول جوازاً على تأسيس مشروعيته  اللاهوتية  مرجعية  مفترضة لتوحيد مشروع للحياة  ..

ومنفذ الاستهلال في المقارنة والقياس بين الحقيقة والأكذوبة يستوقفنا بداية أمام تأصيل الدين للمعتقدات الخلافية قاعدة للإيمان والتسليم وتساؤلات لطالما حاولت خلال نقاشاتي مع كثير من الملتزمين أن أجدلها ردوداً عقلانية تحتمل الترجيح أو التوصيف الاستدلالي المقروء بدلالاته المقنعة ..

منها على سبيل المثال: ماهي حاجة الإنسان للدين ! وما هي رسالته المعرفية في تمثيل مرجعيته لمشروع الحياة؟  

فإذا كان حكم الإيمان والتسليم بحقيقته قيداً على توظيف كل عقيدة لاستحقاق التبعية للمبلغين وقد ثبت باختلاف تصوراتهم لمعاني ودلالات الألوهة واعتصام كل تابعية حول مقدساتها تمزيق الكيان البشري الواحد في خصخصة الحق الإلهي والارتهان لسباق التفرد على احتواء  لاهوته واستحقاقه شاهد فتنة شيطانية  ضميرها الشر وبيدقها الصراع على حاكمية الوجود ؟

 ووفقاً لذلك أين يكمن الصواب من الخطأ والحق من الباطل وكل ملتزم يرى في دينه ثبوت مرجعيته للإله الخالق وفي مصداقية رسالته ورسوله عقد خلاص أبدي من الشر والذي قل أن  يستوعبه في تمثله لعصبية الدين أو الملة وعدوانيته للآخر حكم شيطنة الرب لاهوت منازعة وخصومة وشاهد ضلالة في إسناد الأمر لمشيئته في تأسيس وتوجيه مشروع  الحياة قاعدة كونية لصراع الخير والشر !؟.. 

بل وكثيراً ما يتجانس تبرير العدوانية للآخر بالفضيلة المحمولة على  تقرير كل تابع لمسئوليته في وجوب الانتصار للدين المفرغ  باحتواء الحق الإلهي عاضداً لاستحقاق الرضا في مواجهة المخالف لعقيدته ! !

 وفي حين تؤسس هذه التساؤلات الركيزة الأساس لتقويم صحة الدين من أكذوبته فحكمها في ردود أي تابعية قد لا يتجاوز  استفراغ الخلاف والصراع المنقسم في كل دين للتبرير المتجانس بافتراض انحراف الآخر عن الحق الذي جاء به المؤسسين..

وتلك كما عرضنا لها في إشكالية الفهم قد يكون لها مبرراتها المتصلة بأزمة المعرفة وتجاربها الافتراضية المحمولة على اعتبار الإنسان مجرد وعاء محكوم بحصيلة التعبئة وانعكاساتها على تشكيل طبيعته ووعيه المتلازمين مع تعزيز القيود والحدود لموانع الاستيعاب والفهم..

وعلى ذات السياق قد تحكمنا قضية التعدد الخلافي بتبعاته المنعكسة على أحداث الواقع أن نستدرك القياس بين تلاشي وانقراض آلاف الديانات عبر مراحل التاريخ وبين بقاء البعض والتي غالباً ما تلتقي حول تفسيره كل تابعية  بفرضية التدرج المعرفي واحتراز المشيئة الإلهية لتوجيه الحراك الزمني للتطور في صراع الخير والشر تمهيداً لتمكين الأصلح من البقاء وانضواء البقية تحت لوائه آخر الزمان وفي ضوء ذلك ما يجيز لنا أن نتساءل أيضاً :

ما هو الدليل في تقدير المشيئة الإلهية لتدرج المعرفة ؟ وأين تكمن الحكمة في احترازه تعالى لصراع الخير والشر قاعدة  لتمكين الأصلح من السيطرة على الوجود ؟ ولماذا وقف تحديد الخلاص من الشر على نهاية الزمان؟ في الوقت الذي يرى كل دين في منهجه ورسوله دليل الخلاص ! وهل حكم التدرج يتعلق بقصوره عن المعرفة بحقيقة وجوده ! أم بجهل الدين في تقرير استحقاقه لتقويض الآخر وإبادته شاهداً على ثبوت  الحق في التأييد الإلهي قرينة لصلاحيته في البقاء ؟

وتلك إذا ما أعملنا العقل في قراءتها سنجد بما لا يدع مجالاً للشك أن نشوء وتطور الفكر الديني في ظل الارتباط بنظام الحكم وإشكاليته في معالجة قضايا وأزمات الحياة كان له حكم تطويق العجز للمخاوف من تأثير وغزو الآخر وتمحور الهدف حول كيفية السيطرة على الواقع كركيزة لتعزيز حضوره في البقاء والذي تجانس توثيقه بعاملين رئيسيين هما:

الأول: ترسيخ فكرة ارتباط السلطة الدينية بالمشروعية الإلهية والتي بلغت عند بعض الشعوب اعتبار جنس  الحكام من نسل الآلهة  وساعدت على تمكينه من بسط نفوذه وسيطرته على الواقع سواءٌ باستخدام وسائل القمع والقهر وبث الرهبة والخوف في نفوس العامة عن معجزاتهم وقدراتهم الخارقة أو من خلال تطبيع العبادات للاستلاب واحتراز الأمان والبقاء في الامتثال لطاعة الدين..

الثاني: تجميد العقل في نطاق المقدس المحمول على تأصيل النصوص الدينية لمرجعية الألوهة وتقييدها الحصري بفرضية الإحاطة بمجمل المعارف والعلوم والتي ترافقت بداية مع تصنيف الخروج عنها من المحرمات فيما شكلت مخاوفه من التغيير وخصوصاً مع بروز  النهضة الفكرية في العصر اليوناني القديم وامتداد تأثيرها على ظهور المذاهب التجديدية والمتحولة في كل دين ملتقى التعاطي المتجانس مع تجريم الفلسفة ومن ثم العلوم الطبيعية والإنسانية واستفراغ الاجتهاد للتأويل والتفسير المجازي مرتكزاً لتوظيف المبهم قاعدة لاحتواء وتقرير أسبقية المعرفة بميادينها المختلفة والتي شكلت عبر تحولات العصور سيف الجهل المسلط على رقاب الشعوب..

 وكنتاج لذلك شكلت مفارقات القوة في التأثير وبسط النفوذ حلقة امتداد حضور الأديان التي استطاعت أن تعزز من تثبيت وجودها من خلال توطين العاملين الآنفة الذكر للجمود والتخلف في نطاق سيطرتها على الواقع فيما نجد غالبية الديانات التي رافق نشأتها ونموها تطور المعرفة وبروز النهضة الحضارية  في تاريخ الشعوب هي التي انقرضت مع تجسيد التحولات الزمنية لمتغيرات الموائمة وفرضت أسبابها سقوط أنظمة الحكم التي شابها الضعف والانهيار..

 من هنا كان دليلي لاستدراك وتفكيك ملابسات انحراف الدين مبنياً على توثيق الشواهد المسندة بالأدلة والبراهين الفاصلة بين معنى ودلالات وجود الله كمرجعية كونية لانتظام وتوحيد علاقات وروابط الحياة وبين توظيف الدين لمرجعيته في الاتجاه المضاد لحقيقته مفترقاً للانقسام والصراع وتماهي انعكاس النتاج على شيطنة الغاية من وجوده في تمكين الشر من التفرد بالسيطرة على واقع ومصير الإنسان والحياة..  

 وتلك بالنظر لثوابت الحقيقة ومتغيرات العقيدة نستخلص حصر الاستدلال على الشواهد المتناقضة التي صاغت توظيف الإله قاعدة متجانسةلتأصيل مشروعية تعدد واختلاف معتقدات  الدين في محورين متلازمين في الالتباس هما ..

أولاً:  الدين بين المقاصد الإلهية والشيطانية

 تعارفت المجتمعات البشرية منذ بداية التاريخ على استيعاب مفهوم الدين مقصداً إلهياً ثابتاً بتأصيل مرجعيته  قاعدة معرفية بخلفية ما وراء الطبيعة الكونية والقدرة على خلق الوجود والإنسان والحياة صلة بتأسيس الغاية من تقييد العلاقة بالإله بتمثيل الوصاية الإلهية على الحكم  دون النظر إلى صحة الاقتران من عدمه قياساً بتعدد صوره واختلاف قراءاته ومعتقداته في كل دين..

وعلى ذات السياق تماثلت قراءات الفكر الديني لمفهومي الإله والشيطان كقرينتين ضدية لصراع الخير والشر وتمحور قضاياهما حول كيفية السيطرة على الإنسان في تأسيس منهجية التعايش في الحياة ..

والقضية هنا وإن تداخلت إشكالاتها في تناقضات الفكر الديني مروراً بتأرجح الفلسفة والعلم بين التسليم والإنكار  إلا أن حتمية التثبت من دلالة المفاهيم قد لا تعني بالضرورة الانتصار لمسلمات الدين بقدر ما تؤسس مخرجاتها المدخل لاستيعاب أهم المعضلات المتعثرة في تسطيح المعرفة بالموروث التقليدي الذي أحاط بتطويق الحقيقة في متغيرات التوظيف الغيبي الذي لا نعلم عن كنهه شيئاً سوى ما تفرضه علينا ضرورة  تفسير ظروف وتعقيدات الحياة من حاجة لاستفراغ العلة في تجميد فهمنا ومعالجتنا للقضايا المستعصية بجواز الاستناد على فرضية نلقي عليها تبعية جهلنا بمعنى وجودنا في متاهة المصير المجهول..

وهنا سواءٌ سلمنا بوجود آلهة كونية أو اختزلنا العلة في عشوائية الطبيعة كما تجيزه الفلسفة المادية خروجاً عن مسلمات الدين ، إلا أن لدلالات نشأة وتكوين الوجود في معنى توثيق الإسناد لوجود قدرة خلفية ركائز ومقومات لها حكم الدليل على تأسيس توافقات النظام لمعنى وجود خالق صاغت مشيئته تقدير موازين البناء قاعدة للخلق المتدرج في الترتيب والتركيب المرجح بتصفيف فيزياء الحركة الزمنية للقوانين المجردة بمعاني الصفات والأفعال كمنظومة روحية اقترنت بتجسيد ملكاتها لقاعدة العقل الموجه لتمكين العناصر من التخلق المتسلسل للظواهر الكونية بضوابطها في تمثيل النشاط المتوازن مقصداً لبلوغ الغاية..

ولذا نجداستدلال الإنسان على وجود آلهة كونية ارتكز منذ بداية تأملاته في ماوراء الوجود على تشخيص الدليل للمقاصدالمجردة  بتأسيس توافقات الحياة  لمعنى وجوده واختزالها قرينة للعلاقة الارتباطية بالإله مقصداً للعبودية المقترنة بتأسيس الطاعات قاعدة عقائدية للتمكين من بلوغ الغاية .. 

وفي ذلك ما يعني ثبوت مرجعية الغاية مقصداً جامعاً لمنظومة البناء المتدرج بتسلسل المقاصد الإلهية عنها في محور التشكل بالمقومات والأهداف والمتمثلة بتحقق الخالق بالصفات والأفعال ملكات روحية ضابطة لتوافقات الإرادة مع القدرة في التمكين المنظور باستيعاب مرتكزاتها للتوجهات المقننة بتأسيس الثبات المتوازن لوحدة العلاقات والروابط المشتركة بين الإنسان والوجود والإله الخالق مرجعية لوحدة البناء..

وتلك لو نظرنا إليها من زاوية العلاقة الوفاقية بين الإنسان والخالق كدليل لمعنى وجوده صلة بكونه امتداد لطبيعة الوجود في تسلسل البناء سنجدها أيضاً تتمحور حول تأسيس خلق الإنسان على حقيقته عقلاً معنياً باستيعاب معرفته به لمقصد الاختبار  قرينة لتمكين الإرادة من حرية  الاختيار  بين الامتثال لرغبات النفس الحيوانية وتجردها الارتباطي بالوسائل وبين احتراز الغاية في مطلب التحقق ب(السعادة) في الحياة الدنيا بموازاة  النعيم في العالم الآخر..

كما لو نظرنا اليها من خلال تصور  الفكر الديني بمختلف تكويناته للغاية من وجود الإنسان واقتران الخير والشر بمصيره في الحياة سنجد الدليل ينحصر على تقييد صورية المقصد الإلهي في  العلاقة الشرطية لطاعة المعبود المضمر بتأصيل العبودية  للإله في كل دين وسيلة للتواكل والرجاء المفرغ  بتغييب مشروع الحياة في تطبيع الاستلاب قاعدة للهيمنة المقدسة في التحكم بمجريات الواقع .. 

 وتبيان الشاهد هنا أن قضايا الفكر البشري ومعضلاته هي في محور ارتباطها بتأسيس مشروع الحياة لها دلالة الاقتران بالقاعدة المعرفية للإنسان والتي تستند من حيث المبدأ على توثيق اللغات للمفاهيم والدلالات الارتباطية بمقاصدها الجوهرية قياساً بتأطير اللفظ للقيمة المعنوية المقيدة بتشخيص الهدف للاتجاه العملي لتوظيفه علة وتصريف ..

وتلك في توظيف اللغات للمعرفة بمعنى وجود الإله والشيطان محورها الأساس توثيق الإسناد المعنوي للمقاصد الضدية لدلالات الخير والشر في تأسيس علاقات  الإنسان الارتباطية بمشروع الحياة ..

وغاية ما نصل إليه في هذا الصدد أن الإنسان هو محور تجسيد المقاصد الإلهية والشيطانية للدليل على معنى الغاية من وجوده في الحياة  كمحور ارتكاز لتأسيس المعرفة بها لمناط الاختبار والخيار مرجعية لبناء الذات بطبيعة متلازماتها مع توافقات الخير ومتغيرات الشر المقترنة بتقييد سماته بطبيعة مؤثراتها قاعدة ارتباطية موجهة لسيكولوجية النشاط والتفاعل مع المحيط المنعكس على حياته ومصيره المجهول..

ووفقاً لذلك كان لكل دلالة مقاصدها المعرفية المتصلة بتوجيه الإرادة لمعيار البناء المقنن بتوثيق طبيعة النتاج للدليل المعلوم بتخلق الفرد بقيم الخير قاعدة ضابطة لانتظام وتوحيد علاقاته مع الوجود على تحقق الذات بالغاية  أو العكس في تمحور البناء حول تعزيز رغبات وتطلعات النفس المتصاعدة بمحفزاتها المانعة للاستيعاب والفهم قرينة شيطانية تختزل طبيعتها تجرد(الأنا) بالوسيلة مسلكاً للانحراف المتجرد بتقييد الإرادة لسيطرة الدوافع والأهواء في الارتهان للمؤثر غاية..

والمدخل الذي يستوجب أن نستدرك من خلاله فهم المقاصد الإلهية والشيطانية هو ما يفترض أن نستند في توثيق أسانيده على طبيعة تشخيص المفاهيم من دلالاتها الارتباطية بتأسيس توافقاتها المعرفية لمضامين القيمة من توظيف المسمى والتي غالباً ما نتعاطى معها دون استقراء العلة الظرفية للغاية منها في تفسير علاقتنا بالوجود والحياة ..

وتلك من حيث اقتران  المعرفة بالإله والشيطان بمعضلة الوجود والحياة فبديهية التشخيص تقتضي استيعاب المعنى من منفذ التساؤل  :

-                 ما هو المعنى المقصود بدلالتي الإله والشيطان؟ وهل للمعنيين من دلالة  معرفية نستند عليها في تقرير ثبوت وجودهما بالحقيقة الثابتة! أم متعددة ومتغيرة كتجريد للمعرفة البشرية؟ ومن ثم لماذا وقف الاستدلال على وجودهما حكماً على الاقتران بقراءات الدين؟

فحول تفسير المعاجم اللغوية لمعنى الإله نجدها تتقارب نسبياً في تعريفه: بالذات الفوق طبيعية المجردة بسمات القدرة والإعجاز الثابت في خلق الكون وتصريف شئونه صلة بتوثيق الدين للغاية من خلق الإنسان في نطاق تمثله للمقدس والمعبود في كل دين..

وفي تعريفها للشيطان نجدها تلتقي من حيث المبدأ على تأسيس المعنى للقرينة الضدية للإله في تجسيدالشر وما ينطوي عليه من أفعال وأفكار  منحرفة  وهدامة تحكم اتجاهات الإنسان والواقع في معترك السيطرة على مقدرات الوجود والحياة  ..

وتلك بالنظر لتعريف الإله بالذات الفوق طبيعية يتصدر الإبهام إغفال دلالات وجوده كركيزة لتحقق الذات بصفة القدرة على الخلق والتي تؤسس بدورها مقومات الفعل الإلهي في بناء الوجود وتصريف شئونه.. وفيما نجد التقارب يستند على توثيق الدليل على وجود الإله في حدود تمثله للقدرة والإعجاز في خلق الكون قرينة للوفاق على تأسيس المعنى للحقيقة الواحدة نجد صلة الارتباط بالدين تنحصر على تقييد الغاية من وجوده في تغييب المقاصد تحت صفة المعبود كقاعدة متجانسة للتوظيف المفرغ باقتران مرجعيته الواحدة بتصوراتها الخلافية  في تصدير الوسائط للنبوءات المعرفية  والطقوس والنواميس المتناقضة قاعدة لاهوتية استقام بها شيطنته ..

وعلى ذات السياق نجدها تلتقي حول تقييد مفهوم الشيطان بالقرينة الضدية لمقاصد الخير في معنى الإله توثيقاً لتجسيد الشر في طبيعته إلا أن فرضية الخلاص من شروره لا تحتكم للقاعدة الوفاقية على مرجعية الخالق وإنما لاستحقاق التبعية لكل دين بتبعاته في تأسيس الشر قاعدة للمواجهة والسباق الدعوي على احتواء وجوده في البدائل قرينة لشرعنة الخير في الصراع المقدس..

وما نستدركه في الاستناد لتفسير المعاني أن لقضية الارتباط بالإله والشيطان ما يؤسس شمولية مقاصدها الضدية للمعرفة الصحيحة والمنحرفة بجميع قضايا الحياة صلة باقتران المفهومين بالفكر الذي يحكم وجودنا وعلاقتنا في الحياة..

ومن واقع تضليل المفهومين للعقد الارتباطي ببناء وتوجيه الإنسان في مشروع الحياة فصفة الدين في تمثيل الحق الإلهي إن جاز به تأسيس صحة الإسناد ينبغي أن تحتكم مشروعيته للقياس بعوائد الخير والشرفي توثيق فكرة ومعتقداته لانعكاس تجاربه الزمنية على طبيعة الواقع ..

وتلك قياساً بتأسيس الوفاق على مرجعية خلق الوجود للإله الواحد حقيقة ثابتة فحكم التعاطي المتجانس في توظيف القدرة قاعدة لتغييب المقاصد في شخصنة المعبود مع اختلاف وتعدد صوره في البدائل المفترضة صلة بتعطيل صفة وجوده عقلاً كتجريد للعلم بحقائق مخلوقاته في تأسيس مرجعية الغاية من الخلق هو ما يؤسس انفراط هذا العقد توثيقاً لتقييد الدين بالمعرفة البشرية ومتلازماتها الارتباطية بالثقافة التقليدية صلة وصل بسقوط مشروعيته الإلهية..

وفيما قديلتقي مع هذا الاتجاه من وجدوا في التعدد والاختلاف الديني أكذوبة استشعروا من تناقضاتها تجريد  الخلق بالعشوائية وفي كلتا الحالتين ما يفرض التساؤل:

-                 هل هنالك آلهة كونية خالقة ؟ وما حقيقتها بين تعدد التصورات الدينية والإنكار إن جاز فيه ثبوت العشوائية في خلق الوجود لنفسه؟

ولعل الإجابة على السؤال تختزل صفة المعادلة المنطقية في الرد بسؤال مماثل مجازه:

-                 لأن كانت الأديان تؤمن بوجود خالق واحد هو الإله المتفرد بالقدرة والكمال والتنزيه فلماذا اختلفت حول حقيقته وكيف تجاوزت مسلماتها في تحققه بالكمال بتقييد التناقض والقصور والجهل والشر والعجز في متناقضات الدين؟

ذلك أن الكمال في فكر نظامه وقدرته يستحيل أن يجيز ثبوت الخلاف والاختلاف حول حقيقته أو يقبل التوظيف المتناقض على النحو الذي أجاز تحقق الشر والجهل والقصور والعجز في طبيعته؟

وفي الاتجاه الآخر أيضاً ما يدعوا للاستدراك المنطقي: لأن كانت العشوائية هي التي صنعت الكون فهل تستطيع العشوائية أن تخلق نظاماً بتلك الدقة في الترتيب والتركيب؟ وكيف تحقق لكل كتلة أن تستقر في الفراغ وتمارس نشاطها كمنظومة توافقية دون تصادم أو انحراف عن المسار الفلكي المرسوم لها؟

ولذلك حين نبحث في مرتكزات الخلاف نجد الفكر الديني بمختلف اتجاهاته لا يستند على حقيقة معرفية لمعنى الإله بل وغالباً ما يسوّف للتناقض والجهل والشر في جدلية مفرغة تتماهي معطياتها بتفريغ المعنى من محتواه في الارتهان للتسليم الأعمى بفرضيات الدين دون تحقق.. فيما يستند الإنكار على توصيف الخالق مخلوقاً في سياق رفض التعاطي مع  تجسيد الدين للإله العارض بخلق الكون بيدية والفكر المنطوق بلسانه دون استقراء العلة المضمرة لمعنى وجوده..

في ضوء ذلك نستخلص تحليل مفاصل الحقيقة والأكذوبة  من مقاصدها الضدية لطبيعة الارتباط بالغاية من وجود الإنسان بوصفه محور الإشكال في انعكاس الخير والشر على حياته ومصيره المجهول ومناط المعرفة  بعلاقاته المفترضة في تأسيس مشروع الحياة ..

المقاصد الإلهية

تؤسس المقاصد الإلهية معنى الدلالات الجوهرية للاتجاهات والأهداف التي يرتكز عليها  تأسيس المفهوم لجدوى الغاية من المعرفة بعلة وجوده في مبنى توثيق الاقتران بالسمات المضمرة بتقييد العلاقة الارتباطية بخلق الوجود والإنسان بثوابت الخير في توافقات طبيعة الحياة ..

وباعتبار الإنسان معنياً بتمثلها قاعدة للحياة فحكم اقترانها بصفة الألوهة دلالته تأسيس وحدتها لملكات الضابط الروحي قاعدة لتوافقات العقل الكوني في تشخيص قوانين النظام لمقومات الغاية من خلق الوجود مرجعية معرفية بمقاصد الخير في متلازمات بناء وتأسيس مواطن القدرة قاعدة للتمكين..

وفي ذلك ما يعني أن للمقاصد الإلهية في بناء و توجيه طبيعة تكوين الإنسان والحياة حكم تأسيس وحدة الفكر للتوازن المنضبط بمقومات الوفاق قرينة لسيكولوجية التفاعل المشترك في تأسيس انتظام روابط وعلاقات الفرد مع المجتمع في مشروع الحياة والمقننة على عكس التشكل بالمقاصد الشيطانية وقيودها التي تحكم تمزيق وحدة الفرد والكيان بتجسيد المفاهيم المتشابكة  لانعدام التوازن قرينة لسيطرة الاضطراب والصراع  بتبعاتهما في تأسيس الانحراف باتجاهاته في الحياة ..

وتلك لها في منظومة الخلق والبناء دلالات التوجيه المقنن بأحكام الوفاق التناسبي بين العناصر ووحدتها المتدرجة في تشكيل الطواهر الكونية وعلاقاتها المتناغمة في تمثيل النشاط الحركي للزمكان يقابله في ذلك تكوين الإنسان الطبيعي المقنن بتناسب العناصر الوفاقية المعنية بانتظام كيمياء الحياة في توجيه نشاطه وتفاعلاته..

ومن حيث اعتبار وجود الإنسان متلازم مع علاقاته بقوانين الطبيعة الكونية والمحيط فحكم التخلق بالمقاصد الإلهية تنتظم في سياق الاقتران بوحدة النظام في البناء الموازي للارتقاء بوجوده إلى مصاف الأمان والاستقرار في الحياة كمعادلة توافقية لتجسيد الخير في معنى وجود الله في جوهر الإنسان قرينة لانتظام حياته على ثوابت الغاية..

 ولذلك ارتبط مفهوم الخير في التراتب الزمني بالعائد قرينة استحقاق الرضا الإلهي كما ارتبط مفهوم الشر بالنقيض الموازي لتوطين الشقاء المتعذر بانحرافاته فيما استقام وعي العقائد بالخير والشر قاعدة كونية للتناقض استوحى بها الإنسان القديم حكم الاقتران بالربوبية المتصارعة على حاكمية الكون حتى ظهور الحضارات المدنية واتساع دائرة التشكل المجتمعي الذي فرض بدوره توحيد العقائد في منظومة السلطة الدينية وخلصت معظم قراءاته إلى توثيق الصراع بين ألوهة الخير وألوهة الشر وفق ما جاء في عقائد ما بين النهرين والفرعونية والزرادشتية والبوذية والجانتيه وغيرها من ديانات الشرق القديم..

وبينما تطور الفصل في الديانات التوحيدية إلى تجريد الخير في سمات الإله السماوي والشر في صورة الشيطان إلا أن عامل الحيرة والتوجس في فهم التناقض وارتباط الدين بالحق الإلهي في الوصاية على حاكمية الوجود عكس حضوره على فلسفة التوحيد واتجاهات كل دين للتفرد في مسلكين : 

الأول : تغييب حقيقة الإله الواحد وقاعدته الاعتبارية المقدرة بتأسيس اليهودية(للأفعال الإلهية) والمسيحية (للصفات) والإسلام (للأسماء) واستبدالهما بالنصوص المسندة إلى الله في سياق احتواء اللاهوت وتوظيفه بالحلول والتجسيد والشراكة في شخوص الأنبياء والتنزيه بالكمال الموازي للحق الإلهي..

الثاني : تضمين التناقض الكوني قاعدة إلهية  تلازمت مع تقييد الخير والشر بسماته مرجعية لتوظيف التبعية لكل دين حكماً بتأسيس شيطنة الإله في تعميد الفتنة والصراع مشيئة ربوبية ظاهرها تمثيل الحراك الزمني للتفاعل والتطور وباطنها التسليم والانتصار لعصبية الدين ولاهوته في  سباق الاحتواء..

وبرغم أن حقيقة الإله الواحد في النصوص الثلاثة انتظمت على تقييد الخير في قيم وجوده بموازاة اقتران الشر بالشيطان إلا أن دارج الالتباس لم يقف وحسب عند تغييب الحق الإلهي وإنما تجاوز ذلك إلى إفراغ المقاصد الإلهية من محتواها في كل دين قاعدة نسبية(كالعدالة والمساواة والحق والرحمة والأمان والسلام والمحبة والتضامن والوفاق)ومتضادة في نفس الوقت مع استحقاق الخصوم حيث جاز بها تأصيل متناقضات الخير والشرقاعدة للصراع المفرغ بتوظيف التفكك والانقسام للعصبية العقائدية والفكرية في السياق المقترن بالمقاصد الشيطانية واتجاهاتها المتعارضة بصكوكها وقيودها المانعة للإدراك  والفهم..

من هنا نستخلص بما لا يدع مجالاً للشك أن جوهر المقاصد الإلهية منظومة بناء هي في مرجعية الخلق خلفية  نشأة الوجود الموثق بانتظام حركته ونشاطه وفي طبيعة الحياة عقد الوفاق التناسبي بين العناصر والتحامها في تشكيل الظواهر والمكونات وفي منظومة العلاقات والروابط  الإنسانية قاعدة الوفاق والانسجام  ..

وهي الغاية من المقصد الإلهي في خلق الإنسان على حقيقته عقلاً حراً مكلفاً بحكم التماثل في تجسيد وحدة البناء وموضوعية الاختبار والاختيار بين التحقق بثوابت الخير في وجوده أو الانحراف عنها بالانقياد للشر في عارض التشكل بالذاتية المتجردة بالعبودية للرغبات والأهواء دون احتراز الضرر بالنفس والغير ..

وباعتبار موضوع الألوهة دلالته (الروح الكونية) الخالقة والمنظورة بقاعدة البناء فمناط التكليف ثابته توحيد مشروع والحياة صلة بالخالق في انتظام العلاقات  والروابط على توجيه الغاية للارتقاء بمقاصد البناء.. 

وعلة البناء كما هو معلوم في صورة الوجود بالماهية المعقولة بصيغتها المحسوسة هي في الإنسان وعي الطبيعة النفسية المقروءة بتقييد اللاشعور الباطن منظومة توافقية أو مضطربة استوجب التكليف حكم الاقتران بالمعرفة المعنية بتوجيه علاقات الفرد مع المحيط ..

ولذلك كان عقد التكليف حكماً على بناء النفس بالقيم والفضائل والأخلاق المعنية بتوحيد العلاقات والروابط الروحية بين الإنسان والكون والإنسان وأخيه الإنسان على قاعدة الائتمان المنضبط بالوفاق والتفاعل المنظوم على توازن المصالح والحقوق المجازة باستحقاق الأداء والفاعلية ..

 ودليله في منهج الحياة وجوب التخلق بصفات وأفعال الخالق ومقاصده في تأسيس منافع الخير قاعدة للشراكة  المنضبطة كركيزة لانتظام توازنات الحياة فضل مرجعيتها سمو الارتقاء بالنفس والحياة إلى مقام السعادة الأبدية المتلازمة مع التحقق بالسعادة الأزلية قاعدة استحقاق ثابت مشروعيته وحدة العلاقات والروابط واحترام الحقوق المشروعة للغير والالتزام بالمعايير الأخلاقية للتعايش في جدوى تقويض أدوات و مواطن الشر وتجسيد ثوابت الخير في الحياة ..

ولأن جدوى التكليف ارتبط بسند الاختبار لحرية الاختيار المتلازم مع تقييد قاعدة الاستحقاق الفردي باحتراز المسئولية في احترام الحق العام فموجباته تأسيس الضوابط الأخلاقية لانتظام العلاقات في صيغة القانون الاجتماعي والنظام العادل عقد ائتمان شرطي مجاز بتمثيل سلطة القيم والفضائل قاعدة روحية لها حكم التوازن و الثبات..

فحق المساواة في ميزان العدالة لا يجيز إطلاقاً تقرير عبودية الإنسان للإنسان ولا تفصيل الحقوق والواجبات وفق مقتضيات الفوارق الاجتماعية وتراتباتها كما لا يقبل الترجيح  في الفصل بين حق المرأة وحق الرجل في استحقاق خاص أو عام ولا حق القوي على الضعيف في قانون الغاب ..

من هنا كان شاهد الانحراف ثابتاً في خطيئة الإنسان بالخروج على وحدة القاعدة الإلهية المحمول على تجرد النفس بالذاتية في تقييد الحق باستحقاقها صلة بتوظيف الجهل معرفة والغرور مسلكاً للتفاضل والاستئثار قاعدة للصراع والعبودية للفكر الشيطاني المغلف بتوجيه الرغبات والأهواء للتطلعات والأطماع مسار حياة ممتدة حتى يومنا هذا ..

وهي في تركيبة الفكر الديني بتعدد صورة مماثلة لجوهر تكوين الإنسان من حيث اقتران المقاصد الإلهية بتأسيس وحدة كل دين على فرضية توثيق مشروعيته الإلهية قاعدة للوفاق المنضبط على تجسيد الشراكة للتعايش الآمن في الحياة الموازي لانفراط هذا العقد في الجنوح للتفكك والانقسام في الدين الواحد قرينة للانحراف المتجذر في تجسيد خلافاته للصراع حول تمثيله بالإضافة إلى تجميد العقل في المقدس وتعاليمه المتناقضة كصلة وصل بشيطنة الإله في التعدد والاختلاف المتشابك بتبعاته المزدوجة بين تغييب الحقيقة في العقيدة وبين تجزئة الإلوهة  في وسائط الدين قاعدة لتمزيق الإنسانية الواحدة في مشروع الحياة  ..

وهنا بالنظر لتأسيس الدين مقصداً إلهياً تتجلى شواهد الأكذةبة  بوضوح  في توثيق التعددالمتناقض لمعنى وجود الله قرينة لتداخل الخير بالشر بصفاته وافعاله استقام بتأسيسه لها تعطيل قاعدة وجوده كمنظومة قيمية لوحدة الحياة حيث كان للتحول بالمقاصد الإلهيةعن الغاية المشتركة للتوحيد حكم تصدر التعدد المتباين لعقلنة الجهل بالمعرفة لاهوت وصاية مقدسة صلة بتوظيف العلة الظرفية لكيفية السيطرة على الإنسان واختزال المعالجة لفرضية التطويع القسري المحمول على تأسيس الغاية من وجوده في توثيق العبودية للدين قاعدة لاهوتية اقترنت بصورية تمثيل المرجعية الإلهية لمنهجية الطاعات وتقييدها بالحساب والعقاب مشروعية للتعاطي المتشابك بازدواجية تجويز احتواء الدليل المعرفي في التبعية للوسائط وتصديرها مفترقاً للتفكك والانقسام وتبعاته في تمكين الشر من السيطرة على منافذ الحياة استقام بها شيطنة الرب في توجيه مشيئته للفتنة والصراع  منهجية لسباق التفرد والاحتواء ..

المقاصد الشيطانية   

 وهي مقاصد الشر المقدرة بجنوح النفس وانحرافها بعقلنة الجهل معرفة موجهة للاضطراب والهدم المقترن بتوجيه الضدية للخير لشيطنة  الفكر في  تفكيك علاقات الحياة بدوافعه الغائية تستحضرها طبيعة تحكم الغرائز والرغبات والطباع والأهواء بالوعي في الارتهان لسيطرة (الغيرة والغرور والتفاضل والازدراء) على الإرادة المتجردة بالذاتية في التعلل بوهم امتلاك الحق قاعدة استحقاق  ثابت تختزل بواعثها قيود الارتهان للطبيعة الحيوانية في النفس الأمارة قرينة للتمردبالعصيان والكراهية والحقد والانتقام والعصبية والجشع والاستغلال والكذب والغدر والفتن والتحايل والتضليل والظلم والقهر والفساد وحب الاستحواذ) واحتراز التفرد والاحتواء وعياً قدامته(التملك والتسلط ونزعة السيطرة والتعالي والاستعباد) طابعاً مسلكياً متعذر بانعدام الضابط في تشكيل طبيعة الحياة بنسيج (التشظي والانقسام والصراع  والخوف وانعدام الاستقرار)..

 من هنا كانت المقاصد الشيطانية هي وعي (الأنا) بما تشكلت به من متناقضات الفكر المتشابك بين الوسائل والغايات واختزاله لتوجيه الإرادة الفردية والجمعية في الاتجاه المنحرف عن قاعدة الوفاق مسلكاً لتطويق الواقع بالظروف والتعقيدات المتصاعدة في خلق المشاكل والأزمات الموجهة لتعزيز سيطرة الشر على مفاصل  الحياة..

وللمقاصد الشيطانية مسالك وحضور مسترسل في النمو والتشكل بمطالب الإنسان في مواجهة ظروف الحياة والمتعثرة  بين أزمة المعرفة ومنحنيات الفكر واتجاهاته المتجذرة بتحلل القضايا في كل عارض معضلة وفي كل معضلة وسيلة وفي كل وسيلة غاية فكانت هي عقد الحاجة في شيطان المال والثروة وأطماعها وطوق العبودية والارتهان للعصبية بصكوكها وقيودها الفاصله وبيدق التفكك والانقسام في صراع المصالح ونجواها ولسان حال الجهل في جدلية الاحتواء وخلافاته وضمير الفساد في تطلعات الطموح  وأوهامه..

وهي كتجريد وصفي للفكر البشري لها حكم الاقتران بطبيعة  التفاعل الزمني في حصيلة تجارب العصور المتسلسلة والتي تشكل بمفاهيمها الوعي المتباين في كل مرحلة زمنية ومكانية نتاج ظرفي أو توافقي محدود بنطاق البيئة غالباً ما تطفو على سطحيته سمات التدرج المتجذر بتحول قيم الخير إلى الشر كنتاج لانعدام وجود الضابط الأخلاقي والاعتباري الذي يحكم توازن العلاقات في طبيعة المعاملات واختزال الواقع لمفارقات التمكين قاعدة للصراع..

وما نستقصي به توضيح الفروق الجوهرية بين المقاصد الإلهية والشيطانية أن القضية في محور التثبت المعرفي من اقتران الدلالتين بمرجعية الخير والشر على الإنسان ركيزتهما الأساس تأسيس القاعدة المعرفية لاستحقاق العلاقة الشرطية لجدوى الارتباط بالضابط الروحي لوحدة الوفاق على ثوابت التعايش الآمن أو التجرد الذاتي بمتغيرات التفكك والانحراف بمشروع الحياة..

وفي ذلك مايعني ثبوتاً أن طغيان الشر ماكان له أن يتربع على عرش الحياة دون الأسباب التي فرضت تمكينه إذ المرض والفقر والبطالة والمجاعات التي شهدتها البشرية عبر القرون المتلاحقة ليست سوى النتاج الطبيعي للجهل والظلم والقهر والفساد السلطوي والذي يؤسس بدوره تجسيد الواقع للانحرافات بشتى أنواعها كالحرابة والقتل والسرقة والاغتصاب وهتك الأعراض والاتجار بالبشر والأعضاء والمخدرات والاستغلال والاحتيال والتي تتشكل في ظل انعدام التوازن الاجتماعي وغياب الضابط الأخلاقي والاعتباري عن تمثيل قاعدة العلاقات..

وحين نبحث عن الأسباب نجدها وثيقة الارتباط بالتفكك الدولي وسياساته المنضوية في استغلال مقدرات الشعوب للتسلح وتصدير الحروب والفتن والإتجار بالسلاح بالإضافة إلى تعزيز مكانة القوى المهيمنة على موازين القوة من السيطرة السياسية والاقتصادية واستعراض عضلاتها في غزو الشعوب المتمردة على هيمنتها واحتلال أراضيها وقتل وتجويع وتشريد أبنائها ونهب ثرواتها صلة بتمكين أدواتها من منافذ السلطة وهكذا دواليك..

وتلك إذا ما حاولنا مقارنتها بطبيعة تكوين الفكر الديني سنجدها وثيقة الصلة بخلفية التشكل الظرفي بأزمة المعرفة ومخرجاتها في تأسيس الفكر العقائدي للجمود والتخلف بانعكاساته على تصدير التجارب الزمنية لمتناقضات الواقع في كل تركيبة اجتماعية قاعدة لصراع الخير والشر الموازي لاستفراغ مسئولياته في مواجهة الخصوم المعزز بتطبيع الإدانة والولاء للإله المفترض في كل دين مقصداً شيطانياً ارتبط بتوثيق الخوف من المجهول للاستلاب والتواكل قاعدة لاهوتية لشيطنة الحياة..

من هنا يحتل الفكر الديني موقع الجذر الزمني للمعارف البشرية الذي صاغت مخرجاته تعدد واختلاف المناهج التقليدية بمشروعية ربوبية ظللت الاتجاه المنحرف بتأسيس عقلنة الجهل لتناقضات الواقع  قاعدة للمشيئة الإلهية في تصدير أكذوبة الرسالات المقدسة مرجعية للفتنة والتفكك والانقسام المتجذر بتبعاته في توظيف انعدام التوازن للصراع المسترسل عبر العصور  مطية شيطانية استحكمت بتضييق سُبل الحياة..

وفي ذلك ما يفسر طبيعة  الالتباس في تأسيس الدين مقصداً إلهيًا احتكمت  قراءاته لما تشكل به الواقع من معطيات زمنية اختزلت تطويق جسور الحياة بسيطرة الشر وفرضت أدواته ارتهان الوعي البشري لمفاهيمه الغائية بأحكام قيوده وصكوكه لتغييب العقل عن فهم الدليل المعرفي بمقاصد الألوهة وتصدر الشيطان في كل دين لبواعث الانحراف قاعدة للغواية المعلنة في توظيف النصوص وتوابعها للبدائل..

وهو ما يصل بنا إلى حقيقة واضحة مبناها أن الله ما كان له أن يخلق الإنسان على صورته عقلاً دون أن يكون لصفة الاقتران حكم تعميده بعقد صلته وتمكينه من المعرفة بوجوده وفي تعطيل الدين لهذا المبدا ما يؤسس تقييده بصورة النفس كمثال للتجرد بالذاتية المنحرفة بتجميدالعقل في البدائل المقدسة قرينة لتمكين المقاصد الشيطانية من تعزيز سيطرة الشر على طبيعة الحياة ..

ثانيا: المشروعية  الإلهية بين تعدد واختلاف المعتقدات الدينية

قد لا يكون هنالك من شك أن لكل قضية فكرية أو رسالة معرفية هدف جوهري تنطلق منه في توثيق عقد التأسيس لمشروع  الجدوى في استيعاب منطلقاته لخلفية العائد منه على النطاق المحدود بطبيعة الارتقاء بمقومات الحياة واختزال وسائله وأدواته لمقاصد الخير وأهدافه كمرتكز وظيفي يستمد منه مشروعيته في تمثيل الحضور والتمكين ..

وتلك في قضية الفكر الديني بمختلف اتجاهاته غالباً ما نجدها تلتقي حول توثيق عقد التأسيس بصورية (النص الكتابي) وتقييده بالقداسة المحمولة على فرضية تحقق المبلغ بالرسالة أو النبوءة المعرفية بلاهوت القدرة الخالقة للوجود والحياة والمتصرفة بتوجيه وتوزيع الخير والشر بين البشر وتجانس توظيفه مرجعية كونية يستمد منه كل دين مشروعيته في تأصيل قراءاته بالحقيقة الثابته للخلاص من الشر المضمر   بتاسيس الهدف لاحتواء مشروع الحياة..  

وعلى الرغم من أن غالبية الديانات وعلى وجه الخصوص السماوية  تلتقي على أن لخلفية نشأة وتكوين الوجود خالق واحد هو محور الحقيقة ودليلها المعرفي المتفرد بروحانية القدرة وحكمة التصرف والتمكين إلا أن هذا الالتقاء يسقط بين أرجوحة التوصيف المتعدد في تباين تصورات كل دين لدلالات وأحكام وجوده  والهدف من إسناد مشروعيته بحيث تحولت مرجعيته مجرد أداة أو وسيلة للتوظيف المتجانس باستفراغ الخوف من المجهول لعقلنة الخلاص من الشرفي إشكالية الحياة بين تجانس تضليل الغاية من وجود الإنسان في هامش العبودية والالتزام بالطاعات قاعدة لاهوتية لاستلاب الإرادة وبين تماهي تغييب الوفاق على ثوابت الحقيقة في صكوك الإيمان والتسليم بمتغيرات العقيدة ..

وتبيان القصد في هذه المسألة أن قضية التعدد الديني من حيث توافقه على أن للوجود خالق واحد يلتقي حول إسناد خلفية وجوده حقيقة ثابتة يستمد كل منها مشروعيته في تأصيل لاهوته مشروع خلاص هو بحكم انحرافه عن هذا المبدأ لم يستثني وحسب إسقاط مرجعيته الكونية وشيطنته في تصدير البدائل المقدسة قاعدة خلافية للفتنة والصراع  بقدر ما شكل عبر حركة التاريخ رأس المعضلة الزمنية في تعزيز انقسامه ومنازعاته لتمكين الشر من التفرد بشيطنة الحياة..

كما أن هذا الانقسام بخلافاته هو لاشك يختلف جذرياً عن قضايا الفكر البشري وصلتها بأزمة المعرفة بميادينها المختلفة كون الشاهد في تأسيس مرجعيته للإله واقتران مشروعية كل دين بتمثيل مشروع الحياة بالإضافة إلى احتواء كل دين لتقرير مصير الإنسان في الحياة وما بعد الحياة ..

وتلك بين مفترق الطريق الواحدهي أصل القضية المحورية الفاصلة بين صحة أو أكذوبة الدين في تأسيس مشروعيته الافتراضية لمرجعية الإله أو الانحراف بتوظيفه المتناقض في تلازم الضدية بطبيعته المحمولة على شيطنته في البدائل المقدسة والتي نستدرك توضيحها بداية من خلال المقارنة والقياس بين الغاية من  وجود الله والعلة الارتباطية لجواز اقترانه بالدين..

وتبيان الغاية من وجود الله قدلا تنحصر وحسب على كونه الخالق المتفرد بالقدرة وحكمة التصرف في صياغة الوجود ومظاهر الطبيعة المتنوعة بقدر ما تتجلى دلالات ومعاني وجوده بوضوح في التقاء الأديان على تقييد صفاته وأفعاله ومسمياته بقاعدة الحياة ومقاصدها في البناء..

ولذلك حين نجيز في فرضية تأسيس الدين بأصوله ومعتقداته المتباينة مقصداً إلهياً تستندإليه مشروعيتها الكونية فنحن بذلك ننفي عنه صفة الاقتران بالمعرفة البشرية المحمولة على تلازم القصور والنقص والجهل والشر والتناقض صلة باقتران مرجعيته الإلهية بكمال التنزيه ..

بيد أن هذا التصور يتلاشى مع ثبوت تعدد واختلاف صورالآلهة صلة بالمناهج الفكرية ومعتقداتها التقليدية حكماً بتوثيق التباين والخلاف لانفراط العقد المعرفي للحقيقة الواحدة بمتلازماتها في تأسيس المشروعية دليلاً على سقوط صحة الفرضية  ..

 وهنا سواء اتفقت الديانات على توحيدماهية وصورة الإله أو اختلفت فالعلاقة الشرطيةللغاية من معنى وجوده هي حد الفصل بين تأسيس صحة مشروعية الدين اللاهوتية من أكذوبته باعتبارها محور إشكالية الإنسان في مشروع الحياة ..

وبالنظر لهذه الحيثية من متلازمات العلة الارتباطية لإسناد الفكر الديني بمختلف اتجاهاته لمشروعية تمثيل  الإله سنجد الغاية من وجوده انحصرت على تجريد العلاقة في ركيزتين :

الأولى : تضليل موجبات العلاقة الشرطية بخلق الإنسان بمتلازمات الخوف من المجهول والحساب والعقاب صلة بتقييد الإله بصفة المعبود قرينة للمُلك والجبروت الموازي لتأسيس الغاية من وجود الإنسان بتجريد صلته بالرب في محور العبودية المفرغة باحتراز الخلاص من الشر في مسلك الحياة وما بعدها بفرضية الالتزام بفروض الطاعات ..

الثاني : تأسيس مرجعية الدين للإله على تغييب الغاية من معنى وجوده قاعدة للحياة في الإيمان بالوسائط المعمدة بتعددصور الكمال والتنزية المتعذر بإسنادالقصور والنقص والجهل والشرعلى فرضية التدرج المعرفي مع تماهى تناقضاتها قاعدة للسباق والصراع المقدس..

ولهاتين الحيثيتين مسوغاتها المتجانسة في تسطيح الدين لمرتكزات العلاقة بين الإنسان والإله والتي اقترنت تناقضاتها  بالآتي:

-                 _    تأسيس مفهوم الدين قاعدة جبرية منافية لمشيئة الخالق في تقييد إرادة  الإنسان بحرية الاختيار كمناط للاختبار

-            -   توظيف الاسناد الإلهي للنصوص الكتابية كبدائل معرفية لقاعدة وجوده مع إحاطتها بالقداسة المانعة للتفكير 

-                _’’’’’روحانية التدين بين اختلاف الطقوس والنواميس في معتقدات كل دين وتأصيل العبودية والعبادات قاعدة للتواصل مع الله

-                  - العبودية لله في ميزان الغاية من خلق الله للإنسان واختلاف مناهج الدين

أولاً :  مفهوم الدين كقاعدة جبرية

على قاعدة الوفاق المتأرجح قد لا نجد بين الأديان والملل من لا يسلم بأن الرب أطلق للإنسان حرية الاختيار بين تبعيته وتبعية الشيطان وأن تلك الحرية ارتبطت بتأسيس معنى وجوده مؤتمناً على بناء الحياة في مناط تمثيل الإرادة للاختبار  المجاز  بتجسيد عمله لعوائد الخير أو الشرعليه قاعدة استحقاق ..

بيد أن قاعدة الاختبار والاختيار تتلاشى ضمناً عند تأصيل التعدد الخلافي لمسمى الدين قاعدة لاهوتية للإدانة الشرطية لكل دين تسليماً بمنهجيته ومصداقية شخوصه ومعتقداته المتناقضة حقيقة ثابتة وقفت على تضليل كل ٍمنها لحكم التبعية للآخر كفرٌ بالله وانقياد لغواية الشيطان وجوبه الانتصار لجبرية الحق في مواجهة الباطل ..

والقضية في تأصيل مفهوم الدين أن البشرية تعارفت على فهمه مقصداً إلهيا دون التحقق من صحة ارتباطه بالإله الخالق في معنى خلق الإنسان على صورته المضمراة بمجازية النفخ من روحة كدلالة (لقاعدة وجوده) واستجلاء المعنى من دلالات اللفظ والقيمة الاعتبارية الرابطة بينهما في مسوغ الاقتران بمنهج الحياة ..

فمعنى الدين لغةً بكسر الياء مشتق من الفعل دانَّ بمعنى خضع واحتكم وسلم وانقاد وطاع فنقول: دان الرجل لرغباته ودانت المرأة لطاعة زوجها ودان الضعيف لسلطة القوي ودانت الأمم لمعتقداتهاودانت العامة للأمر الواقع  وغير ذلك من الشواهد التي تؤطر المفهوم بالفعل القسري المنافي لأحكام المشيئة الإلهية في تقريرحرية الاختيار ..

وعلى فرض أن توثيق الإدانة ارتبط بمقصد الطاعة لله في كل دين فالعلةً لا يمكن أن تستقيم مع جبرية الاختبار والاختيار المنظوران بعائد استحقاقهما على الإنسان في الحياة وما بعد الحياة في التبعية لكل دين كقضية  متلازمة مع تقييد مشروعيته  سوق للمضاربة  في حلبة السباق وقاعدة للفتنة والصراع حول تمثيل مشروع الحياة ..

 كما لو أجزنا أيضاً في اقتران الإدانة بطاعته حكماً على تقرير منهجه في كل دين قاعدة للتدرج المعرفي لجاز من باب الوفاق على مرجعيته أن تقترن التسمية بصفة(دين الله) وليس بمسميات أخرى تقيد وجوده في حدود الوظيفة الشرطية للهدف من تخصيص لاهوته قرينة للعرق أو المبلغ أوغير ذلك من التسميات..

وفي بديهية القياس والمقارنةما يصل بنا إلى أن مفهوم الدين كدلالة تجريدية للإدانة الجبرية للإله  بموازاة تعدد واختلاف مسمياتها هو بمعيار ازدواجية المعنى واختلال توافقاته يندرج ضمن عقلنة النفس البشرية لمقاصد السيطرة على الإنسان المحمولة  ثبوتاً على توثيق تناقضات الواقع لشيطنة الرب وتغييبه في ضالة توثيق مرجعيته للتسليم بمشروعية البدائل ..

ولو نظرنا إلى هذه المسألة من زاوية التحقق بالمقاصد الإلهية لوجدنا القيمة الجوهرية تلتقي عند تقييد مفاهيمها لثوابت المعرفة بمعاني وجودة دليلاً للغاية من خلق الإنسان على حقيقته عقلاً جاز  بتكليفه إطلاق حرية الإرادة مسلكا لاختيار طريقه في الحياة ..وليس في اقتران الدين بمرجعيته سوى مجرد إسقاط توظيفي لاحتواء مشروعيته المتشابكة والمنافية لتأسيس المعنى قرينة لصفاته وافعاله ومسمياته في توافقات العقد الشرطي لمشروع الحياة ..

وبناءً على ذلك يصبح الشاهد في انحراف المعنى عن توافقات القاعدة الإلهية لمشروع الحياة دليلاً ثبوتياً على اقتران مرجعية الدين للإله بالأكذوبة المحمولة على اقتران الإدانة بتوظيفه المغيب في البدائل حكماً بسقوط مشروعيته معرفة وتمكين ..

 ثانياً:  توظيف للنصوص الكتابية  

قدلايكون هنالك من شك أن ألأساس في توظيف كل قضية فكرية يرتكزمن حيث المبدأ الاعتباري  والعلمي على تحديد ثوابتها المعرفية التي تنطلق منها في عرض وتوصيف وتفسير الأسس والمبادئ والمقاصد والمقومات والغايات المنوطة بتأسيس منهجيتها لمشروعية الجدوى منها على الإنسان والواقع صلة بترجيح النتاج لقابليتها للمراجعة والقياس بالعائد..

وتلك في الفكرالديني على اختلاف مناهجه وقراءاته نجدها تختلف عن غيره من المعارف البشرية من حيث تأسيس قضاياه لفرضية شمولية التوظيف حيث اقترنت مشروعيته بالنصوص الكتابية الموثقة بالقداسة المجردة بتقييد النبوءات المعرفية باختصاص الوحي الإلهي المعُرّف ب(الوسيط الملائكي) في إلقاء وتنزيل الأمر الإلهي(كلام الله)على قلوب المبلغين برسالاته والمحمولة على تأسيس مصداقيتهم مرجعية مسندة بعقد التنزية والكمال المتجانس في تأصيل القداسة الروحية للقيود المانعة للمراجعة والقياس والتفكير كقاعدة لاهوتية متناقضة يين تجميدالعقل في حدود الإيمان والتسليم بفكرها وبين عقلنة الاجتهاد المتعارض للمبهم وفق متطلبات التوجيه ..

والمعضلة هنا إذا ماجاز لنا تفكيك إشكالية المقدس من محاذيره الملتبسة في متلازمات التوظيف الخلافي سنجد مخرجاته لا تنحصر وحسب عند قضية تصدير أزمة المعرفة للعقيدة المتجذرة قاعدة أصوليةللإسناد الإلهي بقدر ما استحكم توظيف قدسيته المتشابكة برأس المعضلة الزمنية المتجانسة في تأطير العقل بمتغيرات الجهل المقدس قاعدة لاهوتية استحكمت بتطويق مفارقات الفهم بالقيود والحدود المتجانسة في شرعنة الاجتهاد للتفاضل الشيطاني مفترقاً لاحتواء السباق..

فعلى سفر تناقضاتها المتحولة في شرعنة الحق الإلهي لكل دين قل أن تستوقفنا بديهية المنطق أمام صحة مرجعيتها الإلهية الواحدة قياسا بتجزئته في استحقاق التبعية للوسائط وتوظيف القداسة المعرفية لمتغيرات النصوص في اللغة والفكر واقترانهما بتجربة كل محيط كتجريدمتباين لثقافة وأعراف الأمم والشعوب ناهيك عن كونها لم تدون في حياة المبلغين كما هو ثابت في تاريخ الديانات الكبرى وفي ذلك ما يضع فرضية الاحتمال في الكذب على لسانهم حكماَ بتأسيس قابليتها للمراجعة والقياس المنافي لصحة ثبوت قدسيتها ..

وفي الاتجاه الآخر لو افترضنا فيها صحة الاسناد الإلهي توثيقاً لمصداقية الأنبياء فحكم التجويز يقتضي أولاً ثبوت اقتران النبوءات بوحدة المعرفة بالإله الخالق(كماهية وجود ومقاصد وغاية) كقاعدة مرجعية ثابتة لا تقبل التباين والخلاف على حقيقته في مقتضى تمثيل كل نص لامتداد الآخر مرتكزاً لتأسيس الوفاق على قدسية الحق المشترك في الحياة..

كما لو نظرنا إليها من خلال إسقاط الخلاف والاختلاف على فرضية التدرج المعرفي وإشكاليته المتشابكة بعدم اعتراف السابق بمشروعية اللاحق وتعلل اللاحق بانحراف السابق توثيقاً للإصلاح والتجديد المحمول على اسقاط مشروعيته مروراً  بتثبيت الكمال في نصه المنافي لقابلية التحريف الموازي لعدم الاعتراف بأي مستجد فالمعيار في تقييد كل نص بالقداسة المانعة للتفكير بتناقضاته يصبح مجرد وسيلة للتجرد بالذاتية المحمولة على اقترانه بشيطنة النفس للمرجعية الإلهية صلة بتأسيس القصور والنقص والجهل والشرفي طبيعته قاعدة للفتنة والصراع..

والقضية هنا قبل أن تكون قضية الحقيقة والعقيدة بين مرجعية العقل والمقدس فمشروعيتهما الخلافية تستوجب أن ترتكز من حيث المبدأ على تمثيل مرجعيتها الفكرية للمعرفة بقضايا الإنسان والحياة كمناط لتأسيس المنهج الوفاقي للتعايش الأخلاقي المنضبط على تقييد علاقة المخلوق بالخالق بقدسية الغاية من خلقه على حقيقته قرينة للقدرة والتمكين من بناء الحياة  ..

من ذلك نستخلص أن ارتهان الإنسان لقداسة النصوص الدينية كقاعدة معرفية متعارضة هي من حيث تعدد واختلاف مسوغاتها المعرفية بالإضافة إلى اختلال الجدوى من تأسيسها مشاريع لبناء الإنسان والحياة لا صحة لمشروعيتها الإلهية وإنما تندرج ضمن الثقافات البشرية التي شخصت خصوصية كل بيئة بسمات التجربة الزمنية للأعراف والنواميس قاعدة تقليدية متجانسة بتوثيق قدسيتها لمرجعية الإله مرتكزاً لاستلاب  إرادة  الإنسان وتطويقه بالخوف من المجهول مسلكاً للترهيب والترغيب فيما ظلت البشرية حتى يومنا هذا تهيم في ظلام الغيب وقراءاته المنزلة يستقيها الأبناء عن الآباء والأجداد موروثاً دغماوياً تلتقي تناقضاته حول عقلنة الجهل معرفة أسانيدها توظيف ميتافيزيقيا الخيال للجنوح في تصدير الأوهام والمعجزات والأساطير قاعدة تتجاوز الواقع تماثلت في تعميد الفكر بالثابت الإلهي الذي أرسى بدوره حاجز الفهم المتضارب في تقييدالدين للإيمان بمصداقية الدعاة عقد اليقين في منازعات التفرد بامتلاك الحقيقة..

ثالثاً:   تعددواختلاف الطقوس والنواميس الدينية

أنا فردمن أمة عقائدية نشأت وترعرعت في بيئة  مغلقة يدين مجتمعها البسيط لموروث الآباء والأجدادعقد التزام منهجي وتقليد متبع حكم الخروج عليه أو محاولة تغييره ثبوت الردة والكفر وإقامة الحد الشرعي بالقتل والتمثيل كما يجيزه فقهاء الدين فضيلة للردع ..

وعلى شاكلتي يوجد في هذا العالم بتعدد واختلاف لغاته وأعراقه كثيرون ممن حكمتهم الظروف أن ينتمون لبيئات عقائدية  مختلفة ويتشربون منذ صغرهم بمعارفها وقواعدها وتقاليدها وأعرافها ونواميسها والالتزام بها أمراً إلهياً قطعي الأسناد والدلالة في وجوب التسليم الثابت ..

وهذا الالتزام المتعدد بتبايناته واختلاف معتقداته قل أن يستوعبه التابع لكل دين بذهنية القياس والتمييز وعي التطبع الموازي لاختلاف مسوغات الموروث التقليدي الذي أنتج مفارقات التناقض اللاهوتي المتشابك بصكوكه وقيوده العائمة في تطويق مشروعية الحق باستحقاق الهوية الدينية بتبعاتها التي شكلت منذ بداية التاريخ حاضنة الشر  والصراع المتجذر في تجزئة واحتواء مشيئة الإله الخالق وتمزيق لُحمة الإنسانية الواحدة في الوجود الواحد..

 يأتي هذا الاعتبار  من كون القضية المحورية في طبيعة توثيق الدين للعبادات هي قضية العلاقة الرابطة بين المخلوق والخالق ومقاصدها المتعثرة بخلفية تسطيح معنى وجود الإنسان في متاهة الحياة بالهامش الملتبس بين توظيف الخوف من المجهول قاعدة لاهوتية للتحكم والسيطرة على النفس وبين تغييب العقل في المقدس كمناط لتعطيل المعرفة بالله في الالتزام بقواعد وفروض الطاعات ..

 والقضية في طبيعة توظيف الطاعات وإن كان الدليل على عدم ثبوتها مقصداً إلهياً يتجلى بوضوح  باختلاف وتعدد مظاهر العبادات وبروزها على السطح كظاهرة ثقافية تقليدية إلا أن محور الإشكال يتبلور في تصدر ها لتأسيس روحانية التدين وسيلة لاستلاب النفس والتقوقع المتجانس في محور الإدانة الشرطية لربوبية الدين والالتزام بالطقوس والنواميس المستقاة من تقاليد وأعراف الشعوب المستلهمة من توثيق تجارب الواقع لمظاهر الخضوع والتذلل قاعدة للتأصيل المشروع  بتجريد الصلة بين المالك والعبد بصكوك الاستحقاق التبعي لمعتقدات كل دين وتأصيلها مفترقاً لتجزئة الإله الواحدة خارطة لاهوتية استحكمت بتطويق الإنسانية بخصوصية التفرد بالهوية المتجذرة عبر تحولات العصور  ..

وسمة التدين قد تشخص في ظاهرها تحقق التابع لكل دين بروحانية اليقين الثابت برسوخ الإيمان في النفس عقيدة روحية للشعور بالرضا والأمان من الوقوع في غواية الشيطان صلة بتأسيس قواعد الالتزام بفروض الطاعات لعقد الإدانة والخضوع لأوامر ونواهي الإله المعبود في كل دين.. إلا أن محاذير الالتباس فيه غالباً ما تتجلى في ظهور انعكاساته على تقييد النفس بمسلمات التواكل المضمر باحتواء الوفاق مع الله في مطلب التسخير في التّقُيد بمسلك العبودية في الامتثال والخشوع والترجي بالدعاء تسليماً بثبوت اليقين في تحقق الاستجابة   .. 

 وهو في الاتجاه المتوائم مع تركيبة كل بيئة عقائدية كثيراً ما يتفشى كنتاج لحالتين ظرفية هما التنشئة الارتباطية بثقافة المحيط والهروب من الواقع بحثاً عن الخلاص في الاستناد للعقيدة فيما نجده يتماهى في الاتجاه العام مجرد ظاهرة  تقليدية للتمظهر بمظاهر وسلوكيات القدوة في الدين وامتراء الحضور المنتظم في دور العبادة والتي غالباً ما تجسد طبيعة الارتباط بالعادة كظاهرة مزدوجة لسيكولوجية التجربة والنفاق المفرغ  بتصدير الالتزام لتغطية انحرافاتهم أو خطاياهم في سطحية التقرب إلى الله ..

وما نرمي إليه في هذا الصدد أن قضية التدين كحالة ارتباطية بالعقيدة وقيودها المتأصلة بالإيمان حتى وإن استقامت على فرضية الالتزام بأداء الشعائر الدينية مسلكاً لطاعة الرب فحكم اقتران تعدد واختلاف مظاهر العبادات يستحيل أن يتوائم مع توظيف كل دين للتبعية المتناقضة بتأسيس مشروعية الحق الإلهي قاعدة لتجزئة الاستحقاق البشري الواحد في التبعية للوسائط..

رابعاً: العبودية والمعبود 

قد لا يكون هنالك من شك أن لتنوع واختلاف مظاهر وسمات الخلق غاية وحكمة في تقدير المشيئة الإلهية لتدرج قوانين البناء في الترتيب والتركيب مقصداً لتوافق القدرة  مع  انضباط موازين التمكين..

كما أن في خلق الإنسان على صورته في العقل ما يؤسس اقتران التميز بغاية الغايات المرجحه بثبوت تمكينه  من المعرفة بحقائق الوجود ثوابته ومتغيراته واختزالها في خارطة الدماغ صورة لفيزياء الحركة الزمنية المتلازمة مع تأسيس عالمه الصغير لذاكرة الوعي الذهني والحسي مرجعية للتحقق بالقدرة على الخلق والارتقاء بمنظومة البناء ..

وفيما يؤسس التدرج في الترتيب والتركيب ثبوت وحدة التكوين في تسلسل قوانين النظام يختزل التنوع والاختلاف مناط الحكمة في تشكل الطبيعة الكونية بمظاهر الجمال الحسي صلة باقتران توافقات البناء مع الغاية المضمرة بتوثيق العلاقة الوفاقية بين منظومة الخلق ووحدتها بالنظام الخالق كقاعدة كونية للتحقق بالسعادة الروحية في معنى نعيم الجنة المجازة في قراءة الفكر الديني مرجعية لمطلب الإنسان في التمكين ..

وبين اقتران الإنسان بالغاية من وجوده في التميز عن سائر المخلوقات بالعقل كمناط للوعي الذهني والحسي المعني باستيعاب المعرفة صلة وصل بالغاية المشتركة لوحدته بتوافقات الخير في معنى وجود الخالق نجد الفكر الديني ينحرف عن المقصد الإلهي في تقدير صلته بتوحيده إلى الفصل بين منظومة الخلق والتكوين حكماً بتغييب معنى وجوده عقلاً دلالته في خلق الوجود نظام إلى احتمال وجوده خارج نطاق الوجود وتجسيده في صورة العناصر والظواهر المخلوقة تضليلاً غيبياً بتأسيس مرجعيته في الخلق قرينة للتفرد بالقدرة والإعجاز والتصرف بتوجيه الخير والشرفي طبيعة الحياة ..

وعن تلك الحيثيات تجانس تفسير الدين للمشيئة الإلهية من خلق الوجود والإنسان من وعي القياس بثقافة الواقع عن مظاهر الملكية والسياد المسند بتوصيفه معبوداً وتصديره مرتكز لتأسيس مشروعيته في الوصاية على تمثيل مرجعيته في الحكم تضامر مع تأسيس قدسيته لعبودية الإنسان قاعدة لاهوتية صلة بتجريده من حرية الاختيار والاختبار  في مناط التحقق بالغاية  من خلقه على صورته عقلاً قِّيماً على الارتقاء بالحياة ..

والقضية في تشخيصنا لجوهر هذه المسألة ليست قضية انتقاص من حق الله وعظمته في تمثيل قدرته على خلق الوجود والحياة بقدر ما نراها شكلت جذر المعضلة الفاصلة بين الحقيقة الواحدة لمنظومة التكوين بدأً من تجزئته وتجسيده للمعبود متعدد الوجوه والأقنعة وانتهاءً بتوظيف عبودية الإنسان قاعدة لاهوتية مفرغة بترجيح متناقضات الواقع لتغييب العقل في ضلالة النفس وانحرافاتها المتجذرة بتأصيل ربوبية الشر حاضنة لتفكيك سبل الأمان والتعايش المنضبط في الحياة..

ولو نظرنا إلى هذه المسألة من خلفية عبودية الإنسان لله كمرجعية للوفاق والتمكين من شرط الاستحقاق لوجدنا في اقتران الهدف بالمصلحة الارتباطية بمطلب النفس ما يجسدتأسيس العبودية لها قاعدة متلازمة مع تضمينه وسيطاً يستثني شخصنة وجوده تعطيل العقل عن المعرفة بمقاصدالخير في الحياة والمصير المجهول بالتواكل عليه في مضمار  تقييدالحيلولة في التراضي بالتبعية لوسائط كل دين ..

كما لو نظرنا إليها من خلفية انعكاساتها على طبيعة الواقع لوجدنا في تعطيل العقل أو تغييبه في متناقضات العبودية لآلهة كل دين ما يشخص تمحور الوعي حول تعزيز همجية الإنسان تجرداً بأعلى مراتب النفس الحيوانية تجسيداً للشر والسقوط في مستنقع التشرذم والصراع وإفرازاتهما للانحرافات الاجتماعية والتخلف والجهل والمرض والفقر والظلم والقهر والاستئثار بحقوق ومقدرات الشعوب عبر تحولات القرون المتلاحقة..

وبديهية التحقق من هذه المسألة وإن جاز  ثبوتها في معطيات الواقع إلا أن حتمية الاستدلال على الأكذوبة تقتضي أن نستدرك محاذير الالتباس من أفق المقاربة المنطقية والقياس بمسلمات الدين من وعي التساؤل:

إذا كانت المشيئة الإلهية قد قدرت الغاية من خلق الكون مطلباًً لتأسيس وجودالخالق معبوداً ! فيما انحسر هامش الاقتران بمعيته على نطاق العلاقة الارتباطية بعبودية الإنسان قاعدة وجوبية لتفويض كل دين باعتماد صلته بالمنهج !!

-  فما هي طبيعة فهم الدين لحقيقة الإله المعبود قياساً بالدليل المعرفي على دلالات وجوده كمرجعية لثبوت الإسناد ؟

-  وما هو الدليل الثابت على تجويز الدين للعبودية والعبادة مقصداً  إلهيا ؟

-  وهل صحيح ما أجيز في توافق الفكر الديني على خلق الملائكة قائمين على عبادته ؟ وما دلالاتها في علة ومناط التقييد؟

-  ومن ثم كيف سمح لإبليس بالخروج عن طاعته وإطلاق حريته في غواية الإنسان وهو القادر على تقييده وتحجيمه؟

-  وبناء على ذلك لماذا لم يخلق الإنسان مقيداً بصفة العبودية الملزمة بالطاعة ؟

-  و هل تستقيم العبودية مع  تأسيس المشيئة الإلهية للاختبار قاعدة لحرية الاختيار؟

وتلك التساؤلات  إذا ما أمعنا النظر فيها سنجد في تسلسل مضامينها قياساً بمتناقضات الدين ما يكشف بوضوح عن جهله بمعنى وجود الله بأسانيدها الملتبسة بعقلنة النفس للعبودية والطاعة قاعدة بديلة لمعنى صلته بالعقل بوصفه الدليل المعرفي بالغاية من وجوده في الحياة والتي نستوفي عرض وتحليل تفاصيلها في السياق التالي:

أولاً: من حيث طبيعة فهم الدين لحقيقة ومعنى الإله وهي الركيزة الأساس لاقتران مشيئته بالغاية من خلق الوجود والإنسان نجد الفكر الديني بمختلف اتجاهاته يستثني موضوعية استيعاب الإنسان للمعرفة بدلالات وجود الله كمفهوم اختزلت مقاصده علة القدرة والتصرف بصياغة وتوجيه منظومة الخلق قرينة لتأسيس العقل مناط الصلة الارتباطية في تحققه بالفكرة الأسمى ومقاصدها الوفاقية لوحدة الحياة مرجعية لبناء الذات بالفضائل الروحية الموجهة لانضباط وانتظام سيكولوجية النفس مع روابط وعلاقات الوجود! إلى تسطيح المعنى بين حصر وجو د الخالق في دائرة الحضور القائم بذاته المبهم في عالم الغيب قياساً بخلق الوجود بيديه وتجريد الغاية من خلقه للوجود قاعدة للاستحقاق المعلل بشخصنته معبوداً معنياً بمحاسبة الخلق على التقصير في طاعته جاز به توظيفة لاهوت وصاية تبعية للمبلغين بالدين صلة بتمثيل مرجعيتها للإدانة المقدسة  بتعطيل العقل والمعرفة في حدود المناهج  المتباينة لفروض الطاعات وتعميدها المتجانس لعبودية الإنسان قاعدة لتطبيع النفس على الخضوع والتسليم بمصداقيتها طوق ملهاة شيطانية استحكمت بتمكين الشر من الامتداد والتفرد بالسيطرة على منافذ الحياة ..

ولو سألنا أنفسنا من باب الضرورة المعرفية بمعنى وجودنا كدليل لاستيعاب مصيرنا في الحياة وما بعد الحياة :

 من هو المعبود في ضالة التعدد والاختلاف وما صفته في وجوب الامتثال لعبوديته وطاعته لوجدنا كل دين بما تفرد به من خصوصية في توظيف معتقداته قائم بلسان حال الربوبية المجردة في شخصنة البدائل صلة بتقييدها بالقداسة الروحية قاعدة للتمكين من السيطرة والتحكم بالتبعية في السباق الموجه عبر مراحل التاريخ لامتهان حق وكرامة الإنسان في الحياة..

كما لو نظرنا إلى هذه المسألة من طبيعة ارتباط الإنسان بالقيم والفضائل الروحية  لمعنى وجود الله كصلة وصل بالغاية من معنى وجودنا في مشروع الحياة لوجدنا في فكرها بمتلازماته في تقييد النفس بالضوابط الأخلاقية كمقاصد للبناء ما يتنافى مع تأسيس الصلة بمعرفته قرينة للتخلق بصفة المعبود القائم بتوجيه الإنسان لعبادة ذاته..

وذلك ما نراه جلياً في لاهوت كل دين صيغة للفكر المنحرف بتقمص الكمال في الفضائل والقيم الروحية كمظاهر سطحية لشيطنة الرب بين تغييب العقل عن معرفته في البدائل المقدسة الموجهة بعقلنة النفس للسيطرة على حياة ومصير الإنسان وبين امتراء الحق الإلهي واجهة لمشروعية السباق والصراع المروي بدماء الأبرياء ملهاة استحقاق ناهيك عما أفرز نتاجه عبر تحولات العصور من مظالم ونهب وفسادوتخلف وتجويع واستئثار وقتل واستبداد واستعباد وامتهان لكرامة الإنسان وقهرلحرية وإرادة الشعوب..

ثانيا: ًوحول تجويز العبودية والعبادة مقصداً إلهياً نجد تأسيس المعنى في الفكر الديني ينطلق من تجريد الألوهة بصفة المتاجرة والاستغلال الظرفي لحاجة الإنسان للأمان في الحياة واحتراز المصير المجهول في عالم الغيب بالمقايضة المفترضة  بتضليل خلقه على صورته في مناط العقل مقيداً في حدود العجز والاستجداء والتذلل والتواكل المساوي لتعطيل واستفراغ معنى وجوده في هامش الحياة..

وفيما يترافق ذلك مع استيعاب مختلف اتجاهاته لسقوط القيمة  الأخلاقية في العرف التقليدي السائد عند البشر قياساً بتقدير العدالة الإلهية للمساواة قاعدة وجوبية لاحترام حقوق وكرامة الإنسان ومعرفتها بالآثار المترتبة على محاذير امتهان وقهر الإرادة البشرية وردود أفعالها المنحرفة في حالة العجز ناهيك عن توافق الديانات السماوية على ائتمان الرب (لأبونا آدم) على الجنة وتمكينه من المعرفة بالخير والشر مع الاكتفاء بتحذيره من الاقتراب من الشجرة المحرمة كرمز للنفس، إلا أن ارتباط نشأة وظهور الدين بفلسفة الحكم وتمحورتشكلاته في كل محيط حول صراع المصالح لم يستثني تجردالمشرعين بمحاذيرالانحراف  مسلكاً لتعميد مشروعيتهم بالوصاية الإلهية على تصريف شئون الخلق صلة بمحاولة احتواء شر الإنسان على الإنسان  ركيزة لتأصيل العبودية والاستعباد قاعدة لاهوتية استقامت على تثبيت امتداد الخطيئة في التوظيف المتجانس لنبوءة النفس وتمحورها حول كيفية السيطرة على الشعوب صلة بتطبيع منازعات التعدد الخلافي لعقلنة السباق حول التفرد بالوصاية على مشروع الحياة والذي شخص بدوره تجرد كلٍ منها عن تقدير المشيئة الإلهية لحرية الاختيار والاختبار باستفراغ البديل في الإدانة الشرطية للمعبود وتقييده بالمناهج المتباينة المسندة في ظاهرها بتأسيس العبودية لله والمبطنة بفرض التبعية المفردة لمقدسات كل دين..

ثالثا: وبالاستناد لما أجيز في توافق الفكر الديني على خلق الله للملائكة قائمين على عبادته نجد الالتباس في هذه المسألة يستند على تفكيك مفاصل القدرة ومقاصدها في التمكين المضمر برمزية تجسيد كيان الخالق للطاقة الروحية كوحدة جوهرية ضابطة  لانتظام علاقات الوجود يمكن قياسها من طبيعة تخلق الإنسان بمعاني الذات الإلهية وتحققه بملكات الصفات كمثال لمنظومة الوجود والتي تختزل كل ملكة صفة القانون الأزلي المنفصل بسمة القدرة في الأداء والتأثير وبمقوماتها تنتظم وحدة الوجود على الانضباط في توجيه النشاط الفلكي المتوازن على تمثيل الحركة الزمنية لتوافقات الثبات ..

ولذلك قد نلتقي مع جواز توصيفها ب(أنوار الطاعات) من حيث ارتباطها بوحدة النظام الكوني كتجسيد للإرادة الكلية المتحكمة بتوجيه موازين التناسب الوفاقي للفعل المنوط باختصاص كل منها للإداء الوظيفي المغاير لمعنى اقتران الوظيفة بصفة العبودية والتعبد المتعارف عليه في قراءة الدين ..

وهو الاعتبار الذي يختزل القياس بمعرفتنا بمقاصد الحياة قاعدة للبناء المتلازم مع تجسيد خصائصها الفيزيائية في الدماغ للاتجاه العملي نشاطاً لا واعياً تتشكل بمؤثراته طبيعة النفس بالرغبات والأهواء والدوافع صلة بتحلل طاقاتها الروحية إلى سمات وظيفية ترتقي مع التجربة العملية إلى ملكات روحية تحكم اتجاهات القدرة بمعاييرها التناسبية في الحضور والتمكين ..

مثال ذلك هناك من يدرس الطب ويتصف بصفته الوظيفية كطبيب ومع الممارسة وتطور التجربة العملية والمثابرة قد يكتسب ملكة المعرفة بالعلوم الطبية والقدرة على اكتشاف الأمراض ومسبباتها وطرق معالجتها بمجرد النظر والتشخيص التلقائي وغيره يتعلم الفنون الموسيقية أو التشكيلية وآخر الفنون القتالية وكل في مجاله إذا ما بلغ مرتبة الإبداع والتفوق يصبح مجسداً لملكته..

رابعاً: وعن ذلك يتضح المعنى القياسي لرمزية تحول إبليس وهو الأب الأول للملائكة من نور العلم قياساً باقتران طاقات الفكر بملكة الاستنارة في العقل وتحلل مقاصده في النفس إلى اتجاهات متشابكة  وحواجز وقيود مانعة للإدراك المنظور بالتحول من المعرفة إلى ظلام الجهل في تمحور اللاوعي حول الأنا وتقييدها للإرادة بالعبودية للمصالح الذاتية صلة وصل بالغواية المضمرة بتجسيد الغرور والتفاضل لشيطنة الخير بصور الشر في عقلنة الطبيعة المادية لمقاصد الفكر وقضاياه المتناقضة مسلكاً لهدم الحياة ..

من هنا كانت مسألة السماح لإبليس بالخروج عن أمرالخالق مجرد دلالة رمزية على انحراف الإنسان محورها أن تحقق العقل بملكة العلم قل ان يحتكم للضوابط الملزمة بثبوت القياس بمعنى الطاعة من حيث اقترانه بالفكر الصحيح وتحوله إلى المنحرف صلة بتجرد الإرادة بطبيعة تراكمات النفس المقيدة بالرغبات والأهواء والطباع والدوافع والتي تختزل بدورها عقلنة الجهل معرفة متناقضة ..

وذلك ما نراه واضحاً في سمات الكثير من العلماء والفلاسفة والمفكرين ورجال السياسة والدين ممن تحققوا بملكة المعرفة وتخلقوا بقيمها حيث تجدهم في أغلب المواقف التي تتعلق بمصالحهم أو مصيرهم أو حتى في مناهضة أفكارهم يتحولون إلى النقيض..

خامساًً: أمالماذا لم يخلق الله الإنسان مقيداً بصفة العبودية فالشاهد في تضليل المقصد الإلهي يعودلمسألتين متلازمتين بين طبيعة التكوين والغاية هما:

الأولى: التركيبة المزدوجة لخلق الإنسان بين تجسيده لطبيعة التكوين المادي القابل للفساد والتحلل والفناء في سياق الارتباط بالتفاعلات الحيوية لكيمياء الجسد وصلتها بتشكيل سيكولوجية النفس وبين اقترانه بالعقل كمثال لصورة الخالق بوصفه منوط باستيعاب ثوابت الخيرقاعدة لانتظام علاقاته المحورية بالوجود والحياة ..

الثانية: أن الإنسان من حيث كونه يجسد الحالتين فهو المنوط بانعكاس الكسب خيره وشره على حياته واستحقاقه وليس في ذلك ما يعود بالضرر على الله كما يجيزه الفكر الديني مبدأ لصراع الخير والشر توثيقاً لإسناد الخلاص من الشر في الانتصار للإله العاجز في مواجهة خصومه..

وحدالفصل بينهما أن عقلنة النفس للمقاصدوالغايات وقف على تقييد الإرادة بالعلة الارتباطية للمصلحة قرينة للتحكم الموازي للعبودية لكل مقصد بمستوى تمثيل التجربة الارتباطية لتراكماته في التشكل والتأثير والغلبة على تحفيز تفاعلاته الباطنة للقلق والصراع مع القرائن الموجهة لفاعليته وسلوكه مع المحيط بطبيعتها المضطربة ..

فيما يؤسس الشاهد في تمثله للعقل حكم اقتران بنية التكوين المعرفي بقاعدة العقل الجمعي لمعنى وجود الله المضمر بتقييد ملكات الروح للصفات والأفعال دليل استرشاد وتمييز فاصل بين الخيروالشر في دلالات العلم والجهل والصواب والخطأ والحق والباطل والثابت والمتغير والصدق والكذب وغيرها من المتناقضات..

وصلة عدم تقييد الإنسان بالعبودية ارتبط بالحالتين المسندة بإطلاق حرية الإرادة لحق الإنسان في الاختيار بين طريق الخير أو الشر كمناط للاختبار المعلل بتأسيس  الكسب السوي لمقاصد الوفاق قاعدة للتمكين من الأمان والاستقرار المنضبط مع روابط وحدة الشراكة في الحياة أو الانحراف نحو مسلك التجرد بالأنا في تجسيد متناقضات التكوين للضرر بالنفس بمتلازماتها في توجيه سلوكه للصراع الملتبس بعقلنة الشر لمقاصده وعلاقاته مع المحيط ..

سادساً: وهو ما تخلص إليه مجمل التساؤلات بإجابتها عن صحة تقييد الدين للإنسان بمناط العبودية بالتلازم مع  تأسيس المشيئة الإلهية للاختبار قاعدة لحرية الاختيار وفي بديهياته ما يصل بنا إلى حقيقة ثابتة محورها الفاصل في القياس استحالة أن تلتقي الأضداد على تأسيس ثوابت الغاية الواحدة من حيث اقتران العبودية بالجبر الملزم بالتوجيه القسري المحكوم بتقييدالإرادة بالنفس وانحرافاتها بتمثيل الأنا للغواية، والحرية كمناط للعقل في استيعاب الدليل المعرفي  للغاية من وجوده صلة بتوثيق الكسب لاستحقاق الخيار ..

وحيثية الاستدلال هنا ترتكز على بيِّنةٍ واضحة شاهدها أن دلالة وجود الإنسان وصلته باستيعاب قضايا ومعضلات الوجود تستند في الأساس على تشكل الوعي بالمعرفة مرجعية لتأسيس فاعليته في مناط الحضور والتمكين ..

وفي ذلك ما يعني ً أن توافق البشرية على تشخيص معنى وجود الله اقترن في الأساس بالمقاصد الارتباطية بمعرفته المجردة باستيعاب الصفات والأفعال والأسماء منهجية لبناء الوجود والحياة صلة بتوثيق الإنسان لمبادئها الروحية ركيزة توافقية للتعايش الأخلاقي المنظوم على تعميدصلته ضابطاً لوحدة العلاقات كقاعدة للأمان والاستقرارالرافدللتطور والارتقاء بمقدرات  الغاية  من وجوده في بناء الحياة ..

 وباستفراغ الدين للعلاقة الشرطية في تقييدصفته بالمعبود وصلته بتأسيس الطاعات المتباينة قاعدة للعبودية ما يعلل ثبوت الانحراف في تعطيل المعرفة بدلالات وجوده قرينة لعقلنة النفس للغاية من تمثيل الوصاية على مشروعية وجوده قاعدة للخضوع والتسليم الغيبي صلة بتوثيق منهجيته للنقيض الشيطاني بديلا اختزل توظيفه جلاداً متعدد الوجوه والأقنعة ..

وفي ذلك ما يكشف بوضوح  أن انحراف الدين عن المعرفة بالقاعدة الإلهية كان له ثبوت التحقق بالنتاج العارض باقتران عبودية النفس بمجمل إشكالات الحياة والتي قل أن يستوعبها التابع لكل دين صفة للتجرد الذاتي بالعصبية  ومشاريعها المتجذرة بتفكيك الانسانية الواحدة  إلى هويات عقائدية وعرقية وسلالية  ومصالح سياسية واقتصادية وتمحورها في دائرة الصراع  بتبعاته  في تدمير مقومات الحياة عبر مراحل التاريخ ..

وباعتبار الثابت في المعرفة بوجود الله له حكم التثبت من الغاية لمعنى وجود الإنسان ومصيره في الحياة وكان لتوثيق الشواهد المعرفية على أكذوبة الدين ما نجيزه  بعودة الحق  إلى نصابه فالضرورة العلمية تقتضي حتمية الاستدلال بمسلمات الدين المتصلة بالجذور التاريخية التي أرست تناقضاته قياساً بالتوظيف المتشابك وتضليله بقصة الخلق الواردة في توافقات النصوص المقدسة للديانات الكبرى صلة بتسلسل الإشكال الزمني بين البداية والنهاية..


الصفحة التالية

 

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

تعليق