نبوءة العقل

نبوءة العقل

وحدة الفكر

 

  تعد قضية وحدة الفكر أحدى أهم القضايا الشائكة والمعقدة المتعارف تصنيفها في الأوساط المعرفية  بالطوباوية الواهمة صلة بالخروج على المألوف والسائد المتعالي ضمناً بتطويق النتاج المتشابك لمعطيات العقل البشري وتوثيقه للتجارب الفكرية باتساع ميادينها قاعدة مفترضة لتطور المعرفة والحضارة الإنسانية ..

وقضية وحدة الفكر إن جاز للشاهد تصفيف معادلاته في تراتب منظومة القيم فموضوعيته تختزل المعنى القياسي (للحقيقة الغائبة) في شتات المعرفة البشرية ومفاهيمها المستنبطة من تجارب العقل المتشظي في وجدان الواقع حضوراً صاغت مفارقاته الخلافية تطبيع الخلط بين المعرفة والجهل والحق والباطل والصحيح والفاسد والصدق والكذب والخير والشر قاعدة تفاضلية استحكمت بتضييق سُبل الوفاق في استيعاب المعرفة المستقيمة مسلكاً فرض نتاجه تمزيق لحمة الكيان البشري الواحد وتطويقه بخصخصة الفكر منهج حياة..

وكما أسلفنا بأن للحقيقة معايير الثبات فللخلاف والاختلاف أيضاً معايير التغير الملتبس بمحاذير التوظيف المنحرف عن القاعدة في تصدير الخصوصية المعرفية قرينة للتفاضل المرجح بتوثيق الاستحقاق منهجاً للاحتواء المتشابك تتجلى عوارضه في توثيق الواقع لحصيلة التعدد المتشابك وإفرازاته للانقسام المتجذر حول تمثيل مشروعيته قاعدة للفتنة والصراع المتآكل..

وبفرض أن للحقيقة معادلاتها القياسية الثابتة بأسانيدها العلمية والعملية تستوقفنا بداهة النقاش الذاتي أمام إشكالية التعدد الخلافي ولوجاً بمحاولة تفكيك معضلاته من خلال البحث عن إجابات منطقية للعديد من التساؤلات التي يفترض أن تؤسس مفتاح القضية في استيعاب لغز المعرفة منها على سبيل المثال :

_  هل لخلفية الوجود حقيقة واحدة وقضية محورية ترتكز عليها قراءاتنا لمجمل القضايا ؟ أم أن حقيقته متغيرة بتغير قراءاتنا الافتراضية لها ؟ وفي ذلك ما يؤسس تقييد المفهوم والقضية بنطاق استيعاب كل فرد لمعاييرها قاعدة صحيحة !..

وعلى غرار التعاطي مع القرينة الثانية تصبح الحقيقة هي حقيقة الواقع بمفارقاته النمطية للتشكل ممثلاً بحضور التركيبة المتناقضة واختزال تبايناتها الخلافية للمعرفة الملتبسة قضية وجود واستحقاق متعارض في منهج الحياة..

وكما أسلفنا في تحليلنا لمفهوم الحقيقة أن للمعنى في ثبوت صحة المعرفة بها سند الوفاق على تأسيس جدواها لانتظام سُبل الخير في الحياة فمقومها الأساس يرتكز على تصفيف وحدة الفكر لموضوعية المعرفة وصحتها المجازة بتوثيق العقل الجمعي للمفاهيم والقضايا والأهداف المنوطة بترجيح مرجعيتها قاعدة منضبطة للتعايش المشترك في الحياة..

ولبديهية الاستدلال أسانيده المرجحة بكون المعرفة بالحقيقة لها حكم الاستثناء الثابت بتوثيق المصدر الافتراضي لاستقامة تصدر النتاج الزمني للمعرفة بفرضية معالجة قضايا ومشكلات الحياة أو العكس من حيث محاولة احتواء مفهوم الحقيقة صيغة مفككة لاختلال موازين الفكر في تشكيل طبيعة الإنسان بالمعرفة بامتداد قضايا الواقع نتاجاً مفرغاً بتطبيع انعدام التوازن قاعدة كونية مرجحة باستفراغ التناقض لتضارب المصالح مرتكزاً لهمجية الصراع  في الحياة ..

وتلك على غرو المعرفة العشوائية التي استحكمت بطبيعة تكوين الإنسان مروراً بمراحل التطور المعرفي والحضاري واتجاهاته في محاولة استيعاب علاقاته بالوجود نجد امتداد الإشكال ظل مرتبطاً بالتعاطي مع أيديولوجية الفكر الديني والسياسي والفلسفي بالإضافة إلى ميادين المعرفة بموضوعاتها العائمة في محاولة معالجة قضايا الواقع الآنية واتجاهاتها الخلافية في استعراض وتشخيص مشكلات وعوائق انتظام علاقات وروابط الحياة الدارجة في سياق تسطيح الحلول في محاولات الارتقاء بالوسائل الممكنة على خط الصراع..

وفي نطاق المحاولات ظل التعثر والتقوقع العائم بتغييب الغاية في الوسيلة  يختزل اتساع دوائر الإشكال الزمني عارضا ممتد أرسى مفهوم الفكرقاعدة توظيفية مفرغة بعقلنة النفس الحيوانية للمصالح الارتباطية بالمحيط الحصري مفترقاً استحكمت متغيراته بتفكيك منظومة العلاقات والروابط الإنسانية على خط التعارض الملتبس باختلاف القراءات وتقييدها بالحيلولة دون إعمال النظر في عمق الواقع وأبعاده في تقرير مصير الفرد والمجتمع في الحياة أو محاولة استيعاب الخلل من طبيعة الانحراف عن وحدة الفكر في بناء التركيبة الوفاقية لتناسب عناصر الطبيعة الكونية وتجسيدها لقوانين النظام الثابت  لحركة التطور المنضبط على تسلسل البناء ..

ولذلك غاب عن الإنسان استيعاب وجوده على سطح الكوكب الذي يعيش على سطحه شاهد امتداد التخلق عن الطبيعة الكونية في التكوين المركب عن عناصرها التناسبية منظومة مزدوجة بين تمثيل طبيعته الحيوية لكيمياء النشاط قاعدة للحياة وبين انعكاس النشاط الفيزيائي لحركة وتفاعلات الوجود من حوله وتقييده في المدارك الذهنية والحسية مصادر  يستحضرها الوعي والإدراك صلة الوصل في تمييز واستيعاب النظائر في الوجود قرائن موجهة للتفاعل في  الحياة ..

كما غاب عنه استيعاب تركيبته النوعية لوحدة التناسل المتجذر عن الأبوية الآدمية  الواحدة والمتطورة جينياًعن أقرب النماذج المشابهة لطبيعة تكوين الإنسان كما أثبتتهاعلمياً نظرية التطور كحقيقة يمكن الاستدلال عليها من طبيعة التزاوج مع تقديري الشخصي لنموذج (القرد) الذي برغم أنه ما زال يعيش في الغاب إلا أن سلوكياته العشوائية لم تصل إلى ما وصل اليه الإنسان بالمعرفة..

 وتبيان المعنى معلوم بكون وجودنا وبقية الظواهر الحية جزءاً من وحدة الكوكب المترابط مع  منظومة الوجود كما أن علاقتنا بطبيعته هي علاقة الخلايا النشطة المؤثرة سلباً وإيجابا على الجسم الكلي والتي تشكل بدورها عملية التأثير المتبادل بين  تمثيل الظواهر باختلاف مكوناتها للمعقول والمحسوس قرائن لاستيعاب النموذج المتفرد بخاصية العقل لانعكاس فيزياء الحركة والتفاعل وتقييدها معارف وقراءات معرفية صيغتها تمثيل نطاق الوعي وبين تصفيف خصائص وإحداثيات الفكر لطاقة النشاط المركب عنها منظومة بناء تختزل مؤثراته الوفاقية والمتداخلة تشكيل نمط الحياة في تكويننا المزدوج قرينة موجهة لتفاعلاتنا على سطحه بتأثيرها الموجب أو السالب على استقراره الموازي لانتظام أو اضطراب  طبيعة الحياة في تكوينه ..

وكما تعودنا أن نربط بين مفهوم الفكر واللغة كقاعدة توثيقية لترجمة أنماط العلاقات والقضايا فالمقاربة القياسية لاستيعاب وحدة الفكر تنتظم وفق توصيف القواعد اللغوية لطبيعة المعرفة بالنشاط والتفاعل المشترك بين الفرد والمجتمع  ..

فعلى خط التفكك الجغرافوسياسي ارتبطت التجارب الزمنية بتعارف الشعوب على تقييد الفكر باللغة كوسيلة للمعرفة والتواصل بسياقاتها المتعددة في اختلاف الألسن الناطقة بها والمنظورة بتوصيف المعاني للدلالات المقترنة بترجمة خصائص ونشاط المحيط بعلاقاته وروابطه المتسلسلة..

واللغة كمكون تقليدي ارتبطت بتوثيق كل مجتمع لمقاصد الفكر معرفة تندرج ضمن قانون (الإحاطة والتجسيد) المتراتبة في توصيف معاني الوجود المتسلسل في الترتيب والتركيب والتي تعودنا أن نحصرهاعلى حدود توافق المحيط حول توظيف قراءاتها  قرينة يتشكل بخصاصها الوعي في استيعاب كل لفظ أو مفهوم أو فكرة مسمى أو صفة للاتجاه المعرفي والعملي في الحياة المتوازي مع توصيف المفهوم للسياق الارتباطي بالعلة الوظائفية للنشاط الحركي سمة لطبيعة التأثير المتدرج في  تشكيل أنماط الفكر لتفاعلات وأداء كلٍ من(العقل والنفس والروح)في الاتجاهين المتصلة أولاًبتحديد نطاق واتجاه فاعلية النشاط الباطن في مكونات الذات صلة بتمثيل كل منها للعلاقات والمقاصد الارتباطية بالوجود..

واللفظ في مبنى تلبيس الفكرة هو تشكيلة مركبة لتوافقات الحروف في تصفيف وحدة المفهوم للمعنى قرينة لطبيعة(الأثر) المقيد في ذاكرة الوعي الذهني والحسي المقروء بطبيعته الجوهرية من توافقات الخصائص الباطنة للعناصر الموضوعية الموازية لاقتران الصيغة الظاهرة (المنطوقة أو المكتوبة)  بصفة الدلالة المعنوية للمقصد الباطن كقيمة منطقية للدلالة المعرفية المعلومة بتمثيل الجدوى للهدف أو الغاية من توظيفه نتاجاً مشهوداً بانعكاس الأثر في تمثيله..

وكما هو اللفظ مركب تشكيلي لمجموعة من الحروف فهو كتعبير معنوي عن دلالة الفكرة مركب توافقي لأفكار متعددة تتشكل وحدتها بموضوعية التصنيف الموضوعي للقيمة كيان منطقي مؤثر بطبيعة التوجية المعرفي للمعنى بسياقاته وأهدافة لجدوى تصفيف مقاصدومحفزات الارتباط بعلاقات الوجودكمرجعية وظيفية للعائدالمنظور بأحكامه (كالإله والوجود والإنسان والدين والدولة والسياسة والاقتصاد والمعارف الإنسانية والطبيعية )وغيرها من القرائن الشمولية والتي تصب بمجملها حول تصفيف نظام الحياة..

من هنا كان للفكر من حيث اقترانه بحقائق وقضايا الوجود حكم التلازم مع تجسيد الوعي للقرائن من خلال استشعار المدارك العقلية للأثر المعلوم بطبيعته نشاط فيزيائي ممتد بين الإنسان والظواهر المتصل بها تستحضرها اللغة المتعارف عليها في كل محيط كأداة يكتسبها الإنسان من خلال تجربته لترجمة ما يدور حوله من تفاعلات وتدوينها في الذاكرة  العاقلة معرفة لقراءة الصور والأشكال والأحداث والظواهر ..

وتلك وإن أصلته الديانات السماوية ضمناً مجازياً ورد في قصة الخلق تضليلاً  بتعليم الرب (لآدم) الأسماء بعد توطينه الجنة دليلاً مضمراً بتقييده بالعقل صلة وصل بقاعدة وجوده المحمولة على تجسيد الفكر لكلمته المنطوقة على لسان الإنسان قياساً بترميز الأشياء بمسمياتها قرينة للاستيعاب إلا أن السياق العام لخلفية التضمين يقترن بتوثيق عقلنة الإنسان للفكر في اللغة قاعدة للمعرفة والتمييز ..

 من هنا كان لتوثيق رابط اللغة بالفكر معنى تقييد المدارك العقلية والحسية لوسيلة الوعي بالمعقول والمحسوس في جدوى التشخيص الموازي دليل إقتران الباطن بالظاهر بصيغة التجسيد المنطوق والمكتوب مرجعية لتوصيف الظواهر بخصائصها الفيزيائية للنشاط في الرموز اللغوية كقاعدة مشتركة للتفاهم والتواصل والتقارب جسدت ارتقاء الإنسان عن الطبيعة الحيوانية في توحيد كل محيط على استيعاب علاقاته وروابطه بالوجود والحياة شمولاً بتوثيق المعرفة للتجارب ..

وصلة الترابط بين تركيبة الفكر واللغة هي من حيث تشخيص وحدة المكون بالتكوين تحتكم لذات النسق في التجسيدالظاهر للنشاط الباطن بين تقييد اللفظ للحروف أو المفهوم المركب بسياقاته الموضوعية دلالة وصفية لجوهر المعنى واختزال الإنسان لطبيعة المؤثر القياسي منظومة بناء محورها تمثيل حضوره للتفاعل والأداء ..

وتلك في معادلة بناء الإنسان قراءتها في تمثله لوحدة الفكر تجسيدالكيان للصفة واقترانها بالمسمى نطاق حضور الذات في المحيط قدرة وتأثير كالفيلسوف والعالم والمفكر والطبيب والمعلم والكاتب والمهندس والشاعر والفنان والسياسي وغيرها من التسميات والتي تحتكم بدورها لتدرج سيطرة المفاهيم على قياد وتوجيه الذات بمؤثراتها التراكمية للتجربة ومحاذيرها المقيدة بالهدف أو المصلحة الارتباطية كالمال والسلطة والطموح والشهرة  أو العكس في توحيدالفكر للاتجاه الأخلاقي كقرينة للتخلق بالقيم ركيزة للارتقاء بفاعلية الذات ..

وتلك بمجملها تندرج ضمن اقتران وحدة الفكر بالقاعدة الكونية لبناء الحياة واقترانها بتسلسل التكوين صلة بتوثيق المنهج الأخلاقي لوحدة الكيان البشري في احتراز وحدة الغاية مرجعية بناء تنتظم بقيمها المشتركة قواعدالانضباط والتي تحكم توجيه سلوكياته بفرضية الامتداد لوحدة الوجود ركيزة بنيوية لانتظام روابطه وعلاقاته الإنسانية على قاعدة الوفاق..

فيما شكل انفراط هذا العقد في المعرفة المتباينة مفترق الجنوح المتضارب بين تفكيك وحدة العلاقات والروابط الكونية في مشاريع الهوية المتسلسلة  من الدين إلى طوائف المجتمع فالدولة صلة وصل بتمزيق لحمة الإنسانية الواحدة والتي لم تستطع تجاوزها رغم استيعاب غالبية النخب المؤثرة والمتنفذة للأسباب والدواعي في انعكاسات الخلاف والصراع على التحولات التاريخية وحياة الشعوب بإشكالاتها الممتدة عبر العصور ..

ولذلك حين نستعرض قضية وحدة الفكر فنحن بذلك ننطلق من إشكالية المعرفة البشرية التي أنتجت تراكمات الواقع المسترسل في تمكين وامتداد سيطرة الشرعلى جسور الحياة وصولاً لما آل إليه الظرف في مقتضى بلوغ النهاية المرتقبة للحياة على سطح الكوكب ومن عوامل تمكينها أصبحت ضرورة استدراك المصير الواحد ملتقى حتمية الثورة على معوقات الوفاق البشري ومحاولة تجاوز المعطى الزمني لحركة التاريخ ونتاجه الحافل بتصفيف العقل الخلافي لميادين المعرفة المتشابكة واتجاهاتها المتعارضة واستيعاب تقويمها من منطلق  الآتي :

 أن الأساس في قضايا المعرفة بجميع مناهجها واتجاهاتها العلمية والعملية بما فيها الابتكارات والكشوف التي شكلت عوامل الارتقاء بوسائل الحياة هي بمجملها تندرج ضمن قضية تأسيس وتوجيه أُطر ومكونات منظومة العلاقات والروابط المادية والروحية المعنية بتمثيل الوجود البشري الواحد لمنهج الحياة .

أن الثابت في اقتران المعرفة بصحة الفكر وتوثيق قراءاته واستنتاجاته حقيقة يقتضي من حيث المبدأ أن يحتكم في الأساس لمعايير الصواب والخطأ واليقين والاحتمال والصدق والكذب والعلم والجهل والخير والشر دليلاً شرطياً يستوعبه الإجماع البشري قاعدة مرجعية ثابتة  بجدوى تمثيل منهجيته وأهدافه لمقاصدالوفاق المنضبط على   تأسيس مبادئ المنفعة العامة ركيزة لانتظام موازين الشراكة في الحياة . .

أن قضية وحدة الفكر في القيم ووحدة القيم في الغاية لها في دلالة تسلسل وترابط قضايا الوجود حكم القاعدة المعرفية المجازة بتوثيق مشروعيتها للعقد الثابت في معنى الكشف عن الحقيقة الغائبة كمعادلة وصفية لوحدة النظام الكوني في البناء واستيعابه مرجعية ثابتة لتسلسل قوانين ومعادلات التناسب المتدرج في الترتيب والتركيب بوصفه القاعدة المنضبطة للتطور والنماء الموازي لتغييبه في المعرفة البشرية العائمة باستفراغ المنهج الواحد في التعدد الخلافي شواهد انحراف استحكمت ملابساته بتوطين الهوية المتجذرة لعشوائية التفكك والصراع قاعدة موجهة لاختلال موازين التعايش في الحياة..

وتلك القضايا مجملة  هي لاشك تلتقي حول  استيعاب معادلة الحقيقة من ترابط وحدة الفكر كقاعدة وصفية لمنظومة البناء المتسلسل وعنها نستخلص قراءة وتحليل مضامينها في الآتي:

_  حيث كان الأساس في تشخيص العلاقة المحورية بين الإنسان والإله والوجود والحياة دليله فكر مركب على وحدة الوفاق في تمثيل التناسب الطبيعي المتدرج بتخلق عناصر البناء صلة يترجمه قوانينه الخلفية لمركزية (النظام) الكوني والمنظور بتجسيد الوعي الحسي لحركة الزمنكان المنضبط على الثبات المتوازن  في تمثيل فيزياء النشاط للتطور والنماء المتسلسل من وحدة الفكر في ترسيم القوانين ووحدة القوانين في النظام ووحدة النظام في القيم ووحدة القيم في الغاية ركيزة لانتظام علاقات وروابط الوجود والحياة ..

_ وبحكم أن العلاقة الوفاقية  بين الوجود والإنسان انتظمت في سياق الارتباط بالمقاصد والاحتياجات اللازمة لكفال الأمن المعيشي والاستقرار في الحياة قياساً باستيعاب معانيها مفاهيم ودلالات معرفية يختزلها الوعي الذهني والحسي بصيغة (الأفكار) فالأصل في تصفيف توافقاتها لانتظام بناء الإنسان يعتمد من حيث المبدأ على أسس ومبادئ التنشئة الأخلاقية في تقييد التجربة  لنمط السلوك الذاتي والذي يؤسس بدوره نطاق اللاواعي في اختزال  النشاط الفيزيائي للفكر طاقة متدرجة في الترتيب والتركيب بدأ من تقييد التجربة للتخلق بالمفاهيم الأخلاقية قاعدة للعقل بامتداد استيعاب الغدة الصدفية للنظائر عن كل فكرة بمدى قوة تأثيرها ملكات روحية تحكم توجيه الوعي والإرادة وفق تناسبات القوة والضعف في السيطرة والتمثيل الارتباطي بحيث تنتظم بدورها بتشكيل طبيعة النفس (بالمشاعر والأحاسيس والرغبات والأهواء والدوافع)  وتمركزها في القلب قرائن مماثلة ينتظم بوعيها اللاشعور..

_ وبحيثية التطابق بين تجسيد طبيعة الفكر لمكونات الوعي والنشاط الباطن والظاهر وارتباط الإنسان بالعالم الخارجي وعلاقاته القصدية فالسياق العام لمخرجات الفكر بمعارفه وميادينه وخلافاته شمولاً بتوثيق قضاياه ومناهجه وإشكالاته ومعوقاته يصب بمجمله حول وحدة (الغاية) المنظورة بالقيمة الرأسية المضمرة بتقييد اتجاهات الفكر في الهدف من خلق الإنسان قرينة للعلاقة الارتباطية بالوجود في توجيه فاعليته لبناء توافقات (السعادة) كدلالة جامعة لمعاني الوجود بقضاياه ومعادلاته في مقتضى التحقق بنعيم الحياة وما بعد الحياة ..

_ وعلى ذات السياق تمثلت وحدة الفكر بالغاية دليل اقتران مبدأ الوجود بصفات الخالق تضميناً بتخلق الأولوية بلاهوت القدرة في معنى التفرد بالربوبية المطلقة كمرجعية للتوجيه المفترض بخلق الإنسان على صورته عقلاًً جاز  بتماثله به تقييد الفكر لصلة تمكينه من استيعاب وتمييز المعرفة بمقاصد الخير والشر مسلكاً وجوبيا ًللاختبار والاختيار وعقداً شرطياً لثبوت الغاية منهج استحقاق.. 

  _  وتلك لها في دلالات الفكر معنى تخلق النظام الكوني بالغاية قرينة (لوحدة الفكر في المعرفة) بمجمل قضاياها تستخلصها تسلسل قيم الخير المتدرجة في الترتيب والتركيب كقاعدة للعقل الجمعي تلتقي مقوماتها الروحية عند تمكين ثبات وحدتها لاستقرار علاقات وروابط الإنسان بالوجود وتوافقاته المحمولة على جدوى تصفيف مقومات البناء لمنافع ومتطلبات ومقاصد الخير وتجسيدها للأمان النفسي والشعور بالرضا لدى الفرد مرتكزاً لانتظام روابطه وعلاقاته مع المحيط ..

_ وعلى العكس من ذلك فقد كان لمعرفة الإنسان بضدية الشر للخير مرجعية الدليل النظري للقياس والتمييز الذي يعلل طبيعة التعاطي بمقتضياته حكم الانحراف في توثيق الارتباط (بالنفس) قرينة منفصلة عن العقل الجمعي بين تمثيل استحقاق (الأنا) واستيعاب متغيرات الفكر في تشابك الخير بالشر مفترقاً للخلاف والصراع المتوازي مع تطويق الذات بانعدام التوازن النفسي وانحراف سلوك الفرد بعلاقاته مع المحيط..

_ وكما أن الأصل في تصفيف القيمة كدلالة فكرية هي الصفة الجوهرية لمجموع معارفها كالعدالة مثلاً بما تحيط به من قواعد ومبادئ وقوانين وعلوم شرعية ونظم قضائية بما في ذلك شروط الائتمان الوظيفي للعاملين في مجالها ومثلها جميع المفاهيم الكلية المنظورة بتعزيز جسور علاقات وروابط الحياة كالحق  والجمال والمحبة والسلام والأمان وغيرها من الدلالات الوصفية التي تترجم بمجملها نظام الحياة ..

_ من هنا تؤسس وحدة الفكر في تركيبة الوجود والإنسان والحياة جوهر الحقيقة الماورائية لمصفوفة القوانين الثابتة في محور تصفيف قواعد العلاقات الارتباطية لخصائص الحركة والنشاط المتسلسل من تمثيل وحدة الوجود لحركة الزمن في الفراغ المطلق إلى تخلق الظواهر الباطنة بتوافقات التناسب في السمات والكتل والأبعاد كمعادلة متوازنة للبناء تستخلصها تركيبة الوظائف صلة وصل بتمثيل كلٍ منها لصيغة الأداء المنوط بتوجيه نشاطه ..

وعلى اعتبار أن قضية وحدة الفكر ارتبطت من حيث المبدأ بقضايا المعرفة بوحدة الوجود وقضاياه المنظورة بتوصيف وحدة العلاقات الكونية كمقوم أساس لمنهجية الحياة فمنطلقنا في العرض والمعالجة يستند على استدراك البديهيات التالية :

أولاً: أن جميع قضايا الوجود والحياة بما في ذلك الاستدلال على وجود الله والدين والنظام بامتداد موسوعة العلوم والمعارف والتجارب والأحداث ومسائل الخلاف والصراع والمشكلات المتجذرة في الواقع محورها (الفكر) في استيعاب موازين البناء والتكوين كمرجعية متصلة ببناء وتوجيه الإنسان معرفة وتمكين ..

ثانيا: أن مرجعية وحدة الفكر له في أسبقية خلق الوجود والإنسان حكم أحدية ووحدانية  وجود الخالق كينونة ونظام تحقق بذاته بالصفات والأفعال كملكات روحية محورها لاهوت القدرة المتدرجة بتصفيف القوانين الكونية لتخلق الممكنات منظومة بناء وجوبها تمثيل الغاية المفترضة للتمكين المضمر بتعدد واختلاف الظواهر في التكوين المتسلسل وانفصالها عن بعض قاعدة كونية لتدرج الترتيب والتركيب في تمثيل تناسب العناصر لوحدة التكوين..

ثالثاً: أن موضوعية وحدة الفكر ترتكز من حيث المبدأ على معرفة الخالق كمرجعية لاستيعاب أحكام وجوده قاعدة ثابتة للحقيقة في معنى تصفيف الصفات والأفعال لمنهج الحياة دليلاً عقلياً مشروعاً بتوحيد روابط الإنسان بالوجود صلة وصل باحتراز مقاصد الخير في الوفاق قاعدة كونية ومنهجاً لانتظام علاقاته في الحياة تعذر تطبيقها في سياق تطبيع المعرفة الخلافية للانقسام والصراع وتجاوزها للوفاق البشري على توحيد القواعد الأخلاقية والأحكام والضوابط لأسس ومقومات التعايش الآمن لاستقرار الحياة..

رابعاً:  أن نشأة وتكوين الوجود لها في حركة الزمنكان المنظوم على الثبات المتوازن حكم القاعدة الكونية التي تشكلت بقوانينها طاقة النشاط  الكوني قاعدة خلفية اختزل صيغتها فيزياء الفكر في النظام تشخيص مسار الضوء لانعكاسات تفاعل الظواهر مع بعض محوراً لانتظام وحدة روابطها الكونية بتسلسل تكويناتها المركبة ..

خامساً: أن تكوين الإنسان كظاهرة نوعية منفردة بسماتها المزدوجة يندرج ضمن تطور تمثيل توافقات مجمل عناصر الطبيعة الكونية في تجسيد وحدة البناء لمنظومة تكوينه قرينة مترابطة مع تمثيل صلته بالوجود بين تصفيف فيزياء الفكر لمقومات الحياة في التفاعل الذاتي والمشترك وبين تجسيد الوعي الذهني والحسي لوسيلة الارتباط في التواصل والاستيعاب المعرفي لأنماط العلاقات والمقاصد..

سادساً:  ترتكز وحدة الفكر على استيعاب التطابق بين منظومة الوجود المادي وقوانينه في تمثيل البناء للحركة الزمنية لفيزياء النشاط المتدرج في الترتيب والتركيب قرائن يستقيها الإنسان من تفاعلات واحداث الطبيعة الكونية بسياقاتها المتسلسلة عن كل ظاهرة ونشاط طبيعة مركبة يترجمها البرنامج اللغوي إلى مفاهيم ركيزتها تصفيف وظائف العقل والنفس والروح للتشكل المنظور بطبيعة الأداء ..

سابعاً:  أن تقييد الفكر بالنتاج المعرفي للعقل الافتراضي للإنسان لايمثل سوى ما استقام عليه انحراف الإنسان في تفكيك وحدة الغاية من وجوده كامتداد لمنظومة الوجود الواحد المحمول على تقييد النفس الحيوانية للعقل في طبيعتها وتجردها بالذاتية الارتباطية بالمقاصد وفي ذلك إن جاز لنا تضليله بفرضية التدرج المعرفي ومعيار التفاضل فحكم صحته وبطلانه له في موازين الخير والشر ما يؤسس استيعاب الضرر أو المنفعة في تقويمه ..

وحدة الوجود

باعتبار السياق العام لاستيعاب وحدة الفكر ينطبق من حيث القياس على توصيف وحدة الوجود فقد كان لهذا الارتباط جذوره المعرفية في التجارب الإنسانية والتي لم تتبلور بشكل عام كقضية معرفية متكاملة حيث تعود أصولها لعصور ما قبل التاريخ فيما تحددت معالمها الفكرية مع ظهور اتجاهات (التوحيد الديني) وبروز الفكر الأخلاقي في الفلسفة اكتملت مع نشأة اتجاه الزهد والتصوف بشكل خاص بدأ من البراهماتية (الهندوس)ومن بعدهاالبوذية والجينية ومن ثم الرهبنة والزهد في اليهودية والمسيحية  والتصوف الإسلامي ..

ومع اختلاف المناهج الفكرية ظلت مسئلة وحدة الوجود مجرد فلسفة عائمة في الجدل والتناقض سواءٌ بين المنادين بها أو القائلين بالتثنية والفصل بين الوجود والخالق دون الوصول إلى رؤية معرفية فاصلة تقطع الشك باليقين الأمر الذي ألقى بعواهنه على التوظيف الديني المتعدد وتمحور الفكرالنظري حول القضايا الفرعية دون قراءة صحيحة للكليات والقواعد التفصيلية لمعادلة البناء المتدرج في الخلق والتكوين ونظامه التسلسلي في سلم الترتيب والتركيب..

وجدلية وحدة الوجود بموضوعيتهاالمتشابكة لم تكن مجرد قضية عارضة في فلسفة المعرفة وخلافاتها بقدر ما تمثل القضية المحورية لإشكالية الإنسان والحياة من حيث تحديد طبيعة العلاقة بين (الإله والوجود والإنسان)ومرتكزاتها الفكرية  والأخلاقية في  توجيه نظام الحياة .

وتلك من حيث الوفاق الديني على وحدة الوجود بالإله الخالق وتسليمها بتجلي ظهوره في  كل صورة من صور مخلوقاته نجدها ظلت تسير على خط الافتراق المتعارض حول احتواء لاهوته وشخصنته في الدين ودعاته مشروعية حق ثابت  يستند على توظيف  العصمة في الدعاة  قرينة ضمنية للتحقق بالكمال  في تجلي الإله في فكرهم وصفاتهم ليصبح  كل ٍ منهم يد الله التي يضرب بها ولسانه التي ينطق بها وقدميه التي يمشي بها واختزال  المعنى  صفة للحاكم بأمره وشرعه ..

 وعلى نفس الاتجاه يتناقض القائلون بالتثنية والفصل بين الإله والوجود من حيث رفض تجلي الإله في مظاهر الكون المتعدد  وتقييده بالتجسيد الموازي للوجود رغم التسليم بتماثل تحقق الخلق بصفات  الخالق مجملة بمعاني الوجود والحياة ..

وجذر الالتباس في فهم الألوهة أن البشرية منذ بداية التاريخ تعارفت على تقييد وجود الآلهة في صيغة التجسيد الغيبي للقدرة الكونية الخفية وتصدرها لتوجيه شئون الخلق في الحياة واشتراع تصورها في الظواهر بدايةً من افتراض صور ومؤثرات الكون المتعدد وانتهاء بالإنسان واعتبار وساطته قيداً على المعرفة والفكر المنسوب للوحي الإلهي فيما استقام تأصيل صلتهم  بالربوبية بفرضية الحلول والتجسيد ..

من هنا كان الالتباس حكماً على توظيف التجسيد والحلول الكلي في الجزء نظيراً تأصل به عقدتغييبه وكانت حقيقة الألوهة في تشخيص  وحدة الوجود منظومة بناء ترتكز معادلتها على خمسة مقومات :

الأولى : قاعدة(المكان) وهو الهباء المرادف لمعنى السماء والفضاء والفراغ  بوصفه مبدأ الأولوية في الوجود ومجال التقييد الحسي المقترن بالظلام الكوني في مبدأ التكوين وارتباطه  بقاعدة التخلق والنشأة والتشكل والظهور..

الثانية : قاعدة (الإمكان) وهي القاعدة المقروءة باستيعاب السمات الأولية لتحلل الظلام في المجال واختزاله لنطاق الحركة الزمنية المجردة بتمثيل قوانين التحول لانبعاث الطاقة المظلمة  كمبدأ لنشأة الحياة ..

الثالثة : قاعدة (الممكنات)وهي العلة المقروءة بتحلل الطاقة المظلمة إلى مظاهر للتخلق قرينة للنفس الكونية واختزالها لتسلسل الخلق معادلات تناسبية لتوافقات  العناصر الطبيعة  في تشكيل مقومات البناء..

الرابعة: قاعدة(التمكين) وهي السمة المنظورة بتحول الظواهر إلى نطاق حسي كقرينة تجريدية للعلم المؤطر بصيغة العقل الكوني في سياق استيعابه لتوافقات البناء ملكات أو قوى روحية إضمارها لاهوت القدرة المعنية بتقدير المشيئة للتصرف صلة بتمثيل النظام..

الخامسة: قاعدة (التكوين) وهي نطاق التجسيد الظاهر المضمر قياساً بتشكل الوجود المادي كوحدة مزدوجة بالطاقة  يختزل بنيانه وحدة الوجود قرينة للترتيب والتركيب المتسلسل الموازي لانتظام علاقاته..

وفي القاعدة الأولى  تستقيم وحدة الوجود الأول على حقيقة (الوحدانية والأحدية والإطلاق والإحاطة والثبات) مرتكزاً جوهرياً لثبوت الحق في تقرير المبدأ عقد ألوهته وفي الثانية تحقق كينونته بالحركة الزمنية قاعدة للإمكان في انبعاث الحياة وفي الثالثة تجسيد الحياة  لمراحل التطور قرينة ارتباطية بتقييد النفس (للإرادة) في ذاته قاعدة تناسبية لانتظام البناء وفي الرابعة تحقق الإرادة بلاهوت القدرة في الصفات قاعدة روحية  وجوبها تخلق الممكنات بمنظومة وجوده مرجعية للتمكين وفي الخامسة انتظام موازين البناء الواحد بتجسيد الفعل الذات الكونية لوحدة التكوين   ..

 وفي ذلك ما يعلل وحدة النسق الكوني في الترتيب والتركيب من حيث امتداد حلقة البناء المتسلسل بالتدرج من أعلى الُسلم إلى أدنى درجاته في تخلق مظاهر الكون وحدات منفصلة بحكم الماهيات والأبعاد ومتصلة مع بعضها بحكم  وحدة التفاعل في المجال الواحد ..

ولأن القيمة الأساس لقراءة وحدة الوجود من دلالات القاعدة الفكرية ترتكز على فهم المعادلة الكونية لنظام الحياة فالشاهد المعرفي يقتضي من حيث المبدأ محاولة استيعاب الوحدة الجوهرية لطبيعة العلاقة الثلاثية بين (الإله والوجود والإنسان) والمبادئ الأساسية لمقومات الاقتران في السياق الموضوعي للمبادئ والغايات..

وتلك من حيث  التسلسل الموضوعي للتكوين  تتلخص في أربعة  عوامل رئيسية هي:

(الطبيعة الكونية) بوصفها ماهية البناء والتشكل بصيغة الوجود

(الحياة) بوصفها علة الوجود وركيزة تطوره ونشاطه ..

(النظام) بوصفه نطاق المعرفة المنظور  بفيزياء الفكر مناط الحركة والنشاط

(الغاية)بوصفها القيمة المعنية بتمثيل بناء الحياة وعقد استحقاقها..

وتفسير المعنى من دلالة الارتباط بين الإنسان والوجودمنظور من تمثله للقرائن الأربع صلة امتدادوحدته بطبيعته وتكوينه قياساً في الأولى باختزال الجسم المادي لوحدة التكوين قرينة للتجسيد المحسوس بخصائص التمثيل الطبيعي لعناصر التكوين المقيد بتمثيل الذات للنماء صيغة وجود ظاهر وفي الثانية تزاوج المادة بالطاقة وتمثلها للتفاعل الباطن طبيعة قرينة مضمرة بالتشكل بالمقاصد الارتباطية بالوجود بنيان حياة وفي الثالثة تحلل المقاصد الارتباطية إلى مفاهيم كلية دلالتها الصفات كمنظومة روحية موجهة للعقل في استيعاب حركة الوجود من حوله قاعدة منهجية للتواصل مع الوجود وفي الرابعة تمثيل التجربة للارتقاء (بالسلوك) من حيث تجسيد القدرة للأداء وسيلة للتحقق بالغاية .. 

ولأن الغاية من وجود الإنسان هي الركيزة الأساس للمعرفة بقوانين الوجود والحياة من حيث اقترانها بتمثيل التشكل الباطن لطبيعة المعقول والمحسوس الكوني في الوعي قرينة للتواصل مع الوجود فهي بحكم الارتباط بمقاصد الوجود تعتمد تقييد منسوب طاقة الفكر في الجسد المادي قاعدة روحية موجهة لطبيعة التفاعل في الحياة ..

ولهذا كان الجسد امتداداً لماهية المادة في تناسب العناصر واتحادها والعقل صلة وصل المخزون المعرفي بنسيجه الممتد في الوجود وسجل صوره ودلالاته فيما تشكل النفس قاعدة التفاعل الذاتي للتراكم الموازي لتجسيد طبيعة الفكر إرادة ذاتية منفردة بتوجيه رغباتها للتفاعل الباطن وبوعيها تختزل الروح مقاصدها الكلية طاقة للحركة والتفاعل مع الوجود وتمثيل علاقاته حضوراً وتفاعل تحتكم كل صفة جزئية في تكوينه لمعنى وظيفتها المقترنة بتمثيل طبيعتها لعلة الارتباط بظواهر الوجود ودلالاته..

ووفقاً لذلك ترتكز موضوعية وحدة العلاقة بين ثلاثية الوجود(الله والوجود والإنسان) على مبدأ(الغاية) من خلق الإنسان عقلاً موازياً للخالق في بناء الحياة ولها ثلاث مرتكزات :

-المعرفة بالله كركيزة ضابطة لانتظام علاقات الحياة

-الحرية والاختبار كمبدأ للاختيار والاستحقاق الموازي

-الارتقاء بالوجود إلى مرتبة الغاية ..

أولاً: المعرفة بالله

وهي أسمى المعارف  والعلوم الكونية على الإطلاق ورأس القضايا العالقة في الذهن البشري سفر عماء وجهل وتوظيف مفرغ ألقى بتبعيته على فساد الحياة وانحراف الإنسان بروابطه وعلاقاته مع الوجود والحياة منذ بداية التاريخ حتى يومنا هذا..

ولعل أبلغ عوارض الجهل والعماء بينةً وحجة تتجلى بوضوح في ملابسات تعددواختلاف القراءات للمعنى الإلهي وتصويره في المظاهر والمؤثرات والوسائط المجسدة في الظواهر الطبيعية وصولاً إلى توثيق قداسة الإنسان والتي بلغت ما يتجاوز الملايين عبر تاريخ العقائدالبشرية فيما شكلت خلافاتها معضلة انتظام الحياة في تجذر الشروالاقتتال الدامي عبر مراحل الصراع  وتبعاته..

وبتاء على ذلك وقفت معرفة الله خارج السياق الموضوعي للمعنى تتأرجح بين ساحة التوظيف ودعاوي التلبيس والتفصيل والتخصيص لمشاريع استحكمت بتصدير البدائل مرتعاً لسباق الاحتواء ظلت تهيم في لُج العتمة والغواية بين تغييب حقيقته في الكذب على لسانه في تدوين النصوص وإحاطتها بالقداسة المعززة بالأوهام والحواجز النفسية  سفر ضلالات  شيطانية والتي بلغت  عند بعض العقائد تقييد معرفته وتوحيده بالكفر البِّين..

 ولذلك كان جوهر التوحيد مقترناً بتمثيل وحدة صفاته في خلقه وجوب  انتظام علاقاتها على الوفاق في التعايش والبناء وتلك هي عقد الاقتداء المشروع بتمثيل قاعدة وجوده المنافي لمجازية الحلول والتجسيد الكلي في المخلوق المحدود في الحجم والشكل والقدرة.. 

وتلك في موضوعية المعرفة بالله دليلها بناء الحياة على ثوابت وحدة الوجود في الغاية مطلباً يستقصي ثبوت تمكينه ضرورة توحيد النهج على مقاصد الوفاق الثابت بتوحيد المعرفة لمبادئ وقواعد العلوم والمعارف الكونية والنظم والقوانين وضوابطها على فضائل الخير في معاني وجوده سياقاً متصلاً بتخلق البشر عامة بأحكامها دون تخصيص وفي ذلك ما يعني ثبوت مشروعية قدسية القيم والمبادئ والأخلاق في الائتمان على الوجود وليس الشخوص والأفكار المنحرفة عن الطريق الواحد في أحكام وجوده..

ثانياً: الحرية والاختبار

لقد كرم الله الإنسان بالحرية المنافية للعبودية والجبر وجوب اختبار  فاصل  في اختيار الطريق  كأهم الركائز الجوهرية للغاية من استيعاب أدائه وتفاعلاته في الحياة بعقدالاستحقاق تستحضرها طبيعة العلاقات الوفاقية مرتكزاً لقيم الخير والبناء السوي كقاعدة عقلية لمعنى وجود الله المنافية لأضدادها في أحكام الشر والهدم المتصلة بصفات الشيطان رديف الغواية والانحراف ..

وللحرية في ميزان الاختبار موجبات الانضباط بين تمثيل الخيار لاستيعاب التوازن مسلكاً للتخلق المستقيم بروحانية الوفاق النفسي تستحضره القاعدة العقلية للثبات بحيثية أن وجود الخير ما كان له أن يظهر لولا وجود الشر أو العكس في الارتهان للمقاصد الارتباطية قرينة مضطربة تحتكم طبيعتها لتحفيز الرغبات للإرادة نحو الانقياد للشر في عارض الائتمان للنفس وتعلقها بالأطماع الدنيوية ورغباتها طوق عبودية متجردة بدوافعها المرضية عن احترام حق الآخر وإرادته قاعدة مسلكية   للتعاطي مع الحياة ..

ولأن الإنسان مخلوق على طبيعة الحرية في القاعدة الكونية للخلق فذلك في موجبات تمثيل الاختبار يحتكم بالضرورة لطبيعة التكوين المزدوج بين الروح والمادة المعلل بسمو الأولى في استيعابها لوحدة الخير في التسامي عن الأطماع الدنيوية والنزعات والأهواء والرغبات قاعدة متصلة باحتراز الضابط الروحي مرجعية للشراكة المتضامنة وبين قابلية الثانية للفساد من حيث ارتباطها بالماديات ومحاذيرها المتشابكة دليل اختيار بين الحالتين أو تناسبهما في التوفيق بين حاجة الروح للارتقاء والسمو وحاجة الجسم المادي للبقاء..

من هنا كانت العبودية لله إطلاق مجازي لانتظام الإنسان مع قاعدة وجوده  وفي احتراز الدين لتقييد العلاقة بمبدأ الخوف من غضبه وعذابه وتضمين التعبد والخضوع صلة وصل بمرضاته وعطائه ما أجاز تغييب القاعدة في الاضمار بتجسيدالألوهة للملُك مسوغاً للخضوع في عارض الارتباط بالمطلب الدنيوي وتجريد الاستحقاق بالجزاء في اليوم الآخر المحمول على تجريد الانقياد لطاعة الدين ..

ولحيثية الاختبار  دليله المعلوم بكون الإنسان يولد على الصفاء متصلاً بالوجود في حدود الارتباط الموازي لعفوية البراءة في التشكل قرينة للحالتين المزدوجة بين استيعاب التجربة للمقاصد السوية أو أضدادها قاعدة روحية للعقل بوصفه مناط الحرية المنضبطة على الوفاق  أو العكس  في تقييد عوارضها لنطاق الاستحقاق بنية حياة ..

وفيما يستقي ثوابت وحدته مع الوجود من قيم الشراكة الروحية المنضبطة بتعميد الوفاق النفسي للأمان والرضا قرينة للسعادة في الحياة تختزل الطبيعة التراكمية للعقل الباطن وعي الذاتية المتجردة بروابط المادة صيغة للاضطراب والشقاء وبواقع الغلبة أو التأرجح بين الاثنتين تتشكل أحاسيسه ومشاعره ورغباته قاعدة حياة هي حد التناسب بين المعرفة والجهل والانتظام والانحراف..

ولذلك كانت الحرية مقننة باختيار الإنسان لمنهج حياته وبناء عالمه الخاص بين أن يكون محكوماً بسيطرة الوسائل الدنيوية أو حراً بالتجرد من ضلالاتها والسمو بقيمه وأخلاقياته إلى مرتبة الاتحاد بالقاعدة الكونية للحياة وهي في ركيزة العلاقات المركبة للتعايش المنظوم مقيدة بالقواعد الوفاقية وضوابطها القانونية العادلة..

ثالثاً: الارتقاء بالنفس والوجود إلى مرتبة الغاية

وتلك في فضيلة الارتقاء بالنفس ركيزتها تصفيف العلاقة الكونية لوحدة الوجود في الذات  قاعدة للوفاق في جدوى التحقق بالانتظام المنظور باقتران معنى وجود الله (بوحدة الصفات في الغاية) المتسقة مع تجسيد الوجود لطبيعتها في موازين الجمال والجلال والكمال في توافق الممكنات وفي تقييد الإنسان لها دلالة الانسجام الحسي والشعور بالسعادة وراحة البال)..

 ولأن ركيزة خلق وبناء الوجود والحياة استقامت على تمثيل القاعدة الكونية للتوازن في تناسب وتوافق الممكنات فقد تشكلت منظومة النشاط الكوني على الدقة والثبات في الانتظام فيما اختزلت كل ظاهرة بطبيعتها المفردة سمة التناسب المحدود بالخصوصية النوعية للتسلسل المتدرج للبناء..

وتلك في معايير التدرج الطبيعي للخلق اختزلها الإنسان قاعدة للتناقض المقترن بعشوائية التشكل المتداخل والذي فرض بدوره توجيه استيعابه لمفارقات الطبيعة الكونية قرينة لمنسوب(الجمال والقبح والخير والشر) بصيغها المتعددة ..

وبواقع أن الإنسان هو أحد مظاهر الطبيعة الكونية في كوكب الأرض وأقومها علة فقد اختزلت صيغته النوعية مجمل عناصر الطبيعية كعلة ارتباط توافقي للتخلق الجيني المتسلسل المنظوم في تكوينه صيغة حسية للحياة متصلة بعوامل التطور والارتقاء..

 فيما كان حكم الارتقاء بالنفس قيدا على توثيق الانسان للتجارب بوصفه عقل محيطه الكوني المعنى بالتحقق المعرفي بقوانين الطبيعة الكونية والتفاعل بوعيها كقرينة تجاوزت تصفيف قواعد الانتظام الموجه للارتقاء بالوعي الحسي إلى مرتبة الانسجام والتكامل الموازي لتوجيه الأداء للارتقاء بطبيعة الحياة إلى استفراغ الوسائل المتغيرة كقاعدة ارتباطية بالظواهر المادية ومقاصدها الارتباطية بالمحيط شواهد معرفية مضطربة يتشكل بها الإدراك وعياً حسياً وتفاعل ذاتي تختزل طبيعته تقييد النفس  بالمتناقضات سعادة  وشقاء..

وباعتبار الغاية من وجود الإنسان في الحياة ارتبط من حيث تقييد الاختبار  بقرينة لاستحقاق للسعادة او الشقاء في الحياة وما بعد الحياة فضلال المعنىً في توجيه الخيار بالاسترشاد بمقاصد الخير والشر جاء دليلاً يوثقه التخلق بالقيم والأحكام الإلهية أو أضدادها قاعدة روحية لانتظام أو انحراف العقل في بناء النفس عقد كينونة يستقيم في الأولى ترابط وحدتها حضوراً مشهوداً بالارتقاء بالروح إلى مرتبة الغاية المجردة بتوطين فضائلها للسعادة الحسية منظومة حياة وفي الارتباط الثاني بالطبيعة المادية المساوي للتحقق الظرفي بعلتها كتقييد السعادة بالمال والسلطة والشهوات والوسائل الفانية بأطوارها ما يشيح بالدليل عن احتراز الديمومة في الآنية وتلازماتها والتي تشكل بدورها توطين الصراع في النفس ومع المحيط عقد استلاب مقيد بسيطرتها يختزل نتاجه شقاء الروح في الحياة وما بعد الحياة..

وليس أقل من دليل على ذلك ما نراه في مشهدية الواقع عن شخوص أفنوا  أعمارهم في عناء البحث عن السلطة والمال وإشباع الرغبات الآنية وجمعوا من المال على حساب الشعوب  ما يغني فقراء العالم عن الحاجة غير  أن ما جمعوه لم يثني عنهم طائلة المرض والموت ليتماهى وجودهم في ضريح مجهول لا تحيط به  سوى لعنة التاريخ والإنسانية عن موروث أفعالهم..

وخلاصة الفهم أن ترابط هذه المسائل في تفسير وحدة العلاقات الكونية بالإنسان تنتظم في سياق تشخيص وحدة الفكر للمنهج الوفاقي  كقاعدة كونية لوحدة الوجود نستوفي تلخيص وتحليل حيثياتها في السياق الآتي:

- حيث أن الأصل في خلق الوجود معلوماً بالتجسيد المادي وكانت مشروعية وجود الخلق قيداً على وجود خالق متصرف له حكم الأولوية في الحضور تحقق ثبوت علته في(الهباء)بوصفه قاعدة الوجود وعقل نظامه وتكوينه فشاهد قدرته هي وحدة الفكر في تقييد (الروح) الكونية التي صاغت قوانينه على التدرج في تخلق العناصر بدأً من الظهور الحسي في صيغة تحلل (الضوء) عن الطاقة الخلفية للظلام وتسلسل المكونات عنه ..

-   وبواقع تمثيل العلاقة المتسقة بين الكون وقوانينه في تسلسل بنية المكونات فحكم النسق هو اتحاد (الطاقة بالمادة) في صيغة الحركة المنتظمة للنظام الفلكي في المجال شاهداً عقلياً على تفرد كل منها بخصوصية النماء  والتطور والامتداد في المجال الواحد فيما تلتقي جسوره عند وحدة المادة  بالنطاق الفراغي للتشكل والبناء..

-  وبعلة أن الوجود بمظاهره المختلفة ومنها الإنسان تتشكل بوعي انسجام العناصر واتحادها المنظوم على تدرج التطور نحو تجسيد الغاية فحكم التطور هو تسلسل البناء في وحدة العناصر للارتقاء بالوجود نحو تمثيل الثبات في الانتظام الموازي للمثال في الصفات..

-  وعليه كان التطور هو وعي القانون الأزلي المتدرج بتمثيل القواعد الكونية لمنظومة البناء بدلالات الصفات والأفعال بوصفها أحكام وجود الله في معنى قيم (الخير)وكان التغير حكماً على الطبيعة المادية بحكم قابليتها للفساد تشكلت بمضمارها ظواهر(الشر) بطبيعة الانحراف الضدي يستمد منها العقل الموازي للإنسان مفارقات التناقض في الحياة..

- وباعتبار المشترك بين الإنسان والوجود والإله في تمثيل وحدة البناء هي  قيمة الحياة  وكانت ركيزة الحياة في بناء الوجود حكماً على تناسب العناصر كقاعدة وفاقية اختزلت منظومة العلاقات وقوانينها في أحكام (الصفات والأفعال) والتي شكلت بدورها قاعدة البناء واستقام بنظامها تجسيد وحدة الوجود في الهباء واقترانه (بالألوهة) الموجهة لنظام الكون والحياة..

- وبحكم أن كوكب(الأرض)هو أحد مظاهر الوجود والذي يشكل بدوره وحدة طبيعية نتنظم حركته ونشاطه مع وحدة المنظومة الشمسية وقوانينها الفيزيائية(البعد الضوئي والجاذبية)فشاهد وحدته بالوجود هو انتظام علاقاته مع محيطه الكوني كظاهرة منتظمة اختزلت طبيعته عناصر الوجود بمختلف تكويناته في النطاق الفلكي لمحيطه ..

-  وبمقياس أن الإنسان هو صيغة مصغرة لوحدة العناصر في تشكيل عالمه الصغير لوحدة التكوين فقد صاغ وجوده كوحدة جوهرية في هذا الكوكب نطاق روابطه وعلاقاته ركيزة بناء ثابت ينتظم بمحيطه تقييد الجاذبية لوحدته بكوكب الأرض(كخلية)مزدوجة لها حكم امتداد الماهية المادية للطبيعة الكونية واختزال توافقاتها وانحرافاتها في تكوينه الروحي وعياً حسياً وفاعلية  وتفاعل هي في علة وجوده عقد استحقاقه الثابت في الحياة وما بعد الحياة ..

-  وباعتماد هذه العلاقة صلة وصل بالوجود فهي أيضاً صلة وصل بمفاصل الحياة في الكون كنسيج للتوافق الطبيعي بين العناصر واختزال كل عنصر لنسبته في مكون الإنسان ثابتاً لوظيفته الحيوية للجسم وأثرها في تمثيل معادلة الحياة وفي نقصه ما يعلل اختلال الجسم وعدم انتظامه..

-  وبحكم أن الإنسان ينتمي للجنس النوعي للسلالة(الآدمية) الواحدة فحكم الصفة النوعية للكيان البشري هي امتدادوحدة التكوين بتسلسل روابطه وعلاقاته بالوجود وفي ذلك ما يعني أن قضية انتظام الحياة ظلالها انعكاس معادلة البناء وانتظامها في الجسد الواحد كنسيج توافقي لمعدلات الاستيعاب المعرفي والطبيعي بامتداد روابط وحدته بالوجود وعلاقاته المتصلة بتمثيل سلوكياته لحضوره المتلازم مع تمثيل منهج  الحياة ..


الصفحة التالية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

تعليق